الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                معلومات الكتاب

                الأشباه والنظائر على مذاهب أبي حنيفة النعمان

                ابن نجيم - زين الدين بن إبراهيم بن محمد

                صفحة جزء
                ثم اعلم أن السفه لا يستلزم الفسق ، لما في الذخيرة من حجر السفيه المبذر المضيع لماله ، سواء كان في الشر ، بأن جمع أهل الشراب والفسقة في داره ويطعمهم [ ص: 143 ] ويسقيهم ويسرف في النفقة ويفتح باب الجائزة والعطاء عليهم ، أو في الخير ، بأن يصرف ماله في بناء المساجد وأشباه ذلك فيحجر عليه القاضي صيانة لماله ( انتهى ) . وذكر الزيلعي أن السفيه

                7 - من عادته التبذير والإسراف في النفقة .

                8 - وأن يتصرف تصرفا لا لغرض أو لغرض لا يعده العقلاء من أهل الديانة غرضا مثل : دفع المال إلى المغني واللعاب وشراء الحمام الطيارة بثمن غال والغبن في التجارات من غير محمدة . وأصل المسامحات في التصرفات والبر والإحسان مشروع ، والإسراف حرام كالإسراف في الطعام والشراب ( انتهى ) . والغفلة من أسباب الحجر عندهما أيضا . والغافل ليس بمفسد ولا يقصده لكنه لا يهتدي إلى التصرفات الرابحة ; فيغبن في البياعات لسلامة قلبه .

                ذكره الزيلعي أيضا .

                ولم أر حكم شهادة السفيه ولا شك أنه إن كان مضيعا لما له في الشر ، فهو فاسق لا . تقبل شهادته ، وإن كان في الخير فتقبل ، وإن كان مغفلا لا تقبل شهادته . لكن هل المراد بالمغفل في الشهادة المغفل في الحجر ؟ قال في الخانية : ومن اشتدت غفلته لا تقبل شهادته [ ص: 144 ] انتهى ) . وفي المغرب : رجل مغفل على اسم المفعول من التغفيل وهو الذي لا فطنة له ( انتهى ) . وفي المصباح : الغفلة غيبة الشيء عن بال الإنسان وعدم تذكره له ( انتهى ) . والظاهر أن المغفل في الحجر غيره في الشهادة ; وهو أنه في الحجر من لا يهتدي إلى التصرف الرابح وفي الشهادة من لا يتذكر ما رآه أو سمعه فلا قدرة له على ضبط المشهود به .

                [ ص: 143 ]

                التالي السابق


                [ ص: 143 ] قوله : من عادته التبذير والإسراف إلخ أقول : الفرق بينهما أن التبذير تجاوز في موضع الحق فهو جهل بمواقع الحقوق ، والإسراف تجاوز في الكمية فهو جهل بمقادير الحقوق . ذكره صاحب الكشاف في سورة الإسراء .

                ( 8 ) قوله : وأن يتصرف . عطف على التبذير بحسب المعنى ، والتقدير السفيه من عادته أن يبذر وأن يتصرف تصرفا لا لغرض




                الخدمات العلمية