الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
فصل: قال المصنف: وقد كان السلف يلبسون الثياب المتوسطة لا المرتفعة ولا الدون. ويتخيرون أجودها للجمعة والعيدين ولقاء الإخوان ولم يكن غير الأجود عندهم قبيحا، وقد أخرج مسلم في صحيحه من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه رأى حلة سيراء تباع عند باب المسجد فقال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: لو اشتريتها ليوم الجمعة وللوفود إذا قدموا عليك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنما يلبس هذه من لا خلاق له في الآخرة" فما أنكر عليه ذكر التجمل بها وإنما أنكر عليه لكونها حريرا.

قال المصنف رحمه الله: وقد ذكرنا عن أبي العالية أنه قال: كان المسلمون إذا تزاوروا تجملوا أخبرنا أبو بكر بن عبد الباقي أنبأنا الحسن بن علي الجوهري ، نا أبو عمر بن حياة ، نا أحمد بن معروف ، نا الحسين بن الفهم ، ثنا محمد بن سعد ، نا إسماعيل بن إبراهيم الأسدي ، عن ابن عون ، عن محمد قال: كان المهاجرون والأنصار يلبسون لباسا مرتفعا، وقد اشترى تميم الداري حلة بألف ولكنه كان يصلي بها. قال ابن سعد وأخبرنا عفان ، ثنا حماد بن زيد ، ثنا أيوب ، عن محمد بن سيرين أن تميما الداري اشترى حلة بألف درهم وكان يقوم فيها بالليل إلى صلاته. قال وحدثنا عفان قال حدثنا حماد بن سلمة عن ثابت أن تميما الداري كانت له حلة قد ابتاعها بألف كان يلبسها الليلة التي ترجى فيها ليلة القدر. وأخبرنا الفضل بن دكين ، ثنا همام ، عن قتادة أن ابن سيرين أخبره أن تميما الداري اشترى رداء بألف فكان يصلي بأصحابه فيه.

قال المصنف: رحمه الله قلت: وقد كان ابن مسعود من أجود الناس ثوبا وأطيبهم ريحا، وكان الحسن البصري يلبس الثياب الجياد. قال كلثوم [ ص: 193 ] بن جوشن خرج الحسن وعليه جبة يمنية ورداء يمني فنظر إليه فرقد، فقال يا أستاذ لا ينبغي لمثلك أن يكون هكذا، فقال الحسن: يا ابن أم فرقد أما علمت أن أكثر أصحاب النار أصحاب الأكسية، وكان مالك بن أنس يلبس الثياب العدنية الجياد، وكان ثوب أحمد بن حنبل يشترى بنحو الدينار وقد كانوا يؤثرون البذاذة إلى حد وربما لبسوا خلقان الثياب في بيوتهم فإذا خرجوا تجملوا ولبسوا ما لا يشتهرون به من الدون ولا من الأعلى. أخبرنا أحمد بن منصور الهمداني ، نا أبو علي أحمد بن سعد بن علي العجلي ، ثنا أبو ثابت هجير بن منصور بن علي الصوفي إجازة نا أبو محمد جعفر بن محمد بن الحسين الصوفي ، ثنا ابن روزبه ، ثنا أبو سليمان محمد بن الحسين بن علي بن إبراهيم الحراني ، ثنا محمد بن الحسن بن قتيبة ، ثنا محمد بن خلف ، ثنا عيسى بن حازم قال: كان لباس إبراهيم بن أدهم كتانا قطنا فروة لم أر عليه ثياب صوف ولا ثياب شهرة. أخبرنا محمد بن أبي القاسم ، نا حمد بن أحمد ، نا أبو نعيم أحمد بن عبد الله قال سمعت محمد بن إبراهيم يقول سمعت محمد بن ريان يقول رأى علي ذو النون خفا أحمر فقال انزع هذا يا بني فإنه شهرة ما لبسه رسول الله صلى الله عليه وسلم، إنما لبس النبي صلى الله عليه وسلم خفين أسودين ساذجين. أخبرنا محمد بن ناصر ، نا محمد بن علي بن ميمون ، نا عبد الكريم بن محمد المحاملي ، نا علي بن عمر الدارقطني ، نا أبو الحسن أحمد بن محمد بن سالم ، نا أبو سعيد عبد الله بن شبيب المدني ثني الزبير ، عن أبي عرنة الأنصاري ، عن فليح بن سليمان ، عن الربيع بن يونس قال: قال أبو جعفر المنصور: العري الفادح خير من الزي الفاضح.

التالي السابق


الخدمات العلمية