ذكر تلبيس إبليس على الكاملين من العلماء
قال المصنف: إن وأفادوا غيرهم فمنهم من يستفزه لطول عنائه في الطلب فحسن له اللذات وقال له إلى متى هذا التعب فأرح جوارحك من كلف التكاليف وافسح لنفسك من مشتهاها. فإن وقعت في زلة فالعلم يدفع عنك العقوبة وأورد عليه فضل العلماء. فإن خذل هذا العبد وقبل هذا التلبيس يهلك وإن وفق فينبغي له أن يقول: جوابك من ثلاثة أوجه: أقواما علت هممهم فحصلوا علوم الشرع من القرآن والحديث والفقه والأدب وغير ذلك فأتاهم إبليس يخفي التلبيس فأراهم أنفسهم بعين عظيمة لما نالوا
أحدها: أنه إنما [ ص: 126 ] ولولا العمل به ما كان له معنى. وإذا لم أعمل به كنت كمن لم يفهم المقصود به ويصير مثلي كمثل رجل جمع الطعام وأطعم الجياع ولم يأكل فلم ينفعه ذلك من جوعه. والثاني أن يعارضه بما ورد في ذم من لم يعمل بالعلم لقوله صلى الله عليه وسلم: فضل العلماء بالعمل "أشد الناس عذابا يوم القيامة عالم لم ينفعه الله بعلمه" وحكايته صلى الله عليه وسلم عن رجل يلقى في النار فتندلق أقتابه فيقول: وقول كنت آمر بالمعروف ولا آتيه وأنهى عن المنكر وآتيه، رضي الله عنه: ويل لمن يعلم مرة وويل لمن علم ولم يعمل سبع مرات. والثالث أن يذكر له عقاب من هلك من العلماء التاركين للعمل بالعلم كإبليس وبلعام ويكفي في ذم العالم إذا لم يعمل قوله تعالى: ( أبي الدرداء كمثل الحمار يحمل أسفارا ) .