قال - رضي الله عنه - : أبو حاتم ولا بالكذاب، ولا بمن له عند المسؤول طعمة، ولا يجب أن يجعل حاجتين في حاجة، ولا أن يجمع بين سؤال وتقاض، ولا يظهر شدة الحرص في اقتضاء حاجته؛ فإن الكريم يكفيه العلم بالحاجة دون المطالبة والاقتضاء. لا يجب للعاقل أن يتوسل في قضاء حاجته بالعدو، ولا بالأحمق، ولا بالفاسق،
[ ص: 251 ] ولقد أنشدني منصور بن محمد الكريزي:
وإذا طلبت إلى كريم حاجة فاصبر، ولا تك للمطال ملولا لا تظهرن شره الحريص، ولا تكن
عند الأمور إذا نهضت ثقيلا
وأنشدني محمد بن إسحاق الواسطي العرزمي:
وإذا طلبت إلى كريم حاجة فحضوره يكفيك والتسليم
فإذا رآك مسلما عرف الذي حملته فكأنه ملزوم
قال - رضي الله عنه - : العاقل لا يتسخط ما أعطي، وإن كان تافها؛ لأن من لم يكن له شيء، فكل شيء يستفيده ربح، ولا يجب أن يسأل الحاجة كل إنسان، فرب مهروب منه أنفع من مستغاث إليه، أبو حاتم ومن سئل فليبذل؛ لأن مال المرء نصفان: له ما قدم، ولوارثه ما خلف، وأقرب الأشياء في الدنيا زوالا المال، والولاية، والتعاهد للصنيعة بالتحفظ عليها أحسن من ابتدائها، ومن غرس غراسا فلا يضنن بالنفقة على تربيته، فتذهب النفقة الأولى ضياعا. ولا يجب أن يكون السائل متشفعا لآخر؛ لأن من لم يقدر على أن يسبح، فلا يجب أن يحمل على عنقه آخر،