قال رضي الله عنه: إن من أعظم الأمارات على معرفة صحة الوداد وسقمه: ملاحظة العين إذا لحظت، فإنها لا تكاد تبدي إلا ما يضمر القلب من الود، ولا يكاد يخفى ما يجنه الضمير من الصد، فالعاقل يعتبر الود بقلبه وعين أخيه، ويجعل له بينهما مسلكا لا يرده عن معرفة صحته شيء تخيله. أبو حاتم
ولقد أخبرنا محمد بن المهاجر المعدل ، حدثنا محمد بن الحسن الذهلي ، حدثنا علي بن محمد المذهبي ، عن محمد بن إبراهيم العباسي ، عن عبد الله بن الحجاج مولى المهدي وعن إبراهيم بن شكلة قال " اعلم أن من أظهر ما تحب أو ما تكره فإنما لك أن تقيس ما أضمر قلبه بالذي أظهر لسانه، وليس لك أن تعرف ما أسر ضميره، فعامله على نحو ما يبدي لك لسانه " وفي ذلك أقول:
[ ص: 107 ]
ليس المسيء إذا تغيب سوءه عني بمنزلة المسيء المعلن من كان يظهر ما أحب فإنه
عندي بمنزلة الأمين المحسن والله أعلم بالقلوب، وإنما
لك ما بدا لك منهم بالألسن ولقد يقال خلاف ذلك إنما
لك ما بدا لك منهم بالأعين
غير أن خالي خالفني في ذلك، وزعم أن الأعين أبين شهادة على ما في القلوب من الألسن. وكتب في ذلك رسالة " أما بعد، فقد بدا لي من صدك، ما آيسني من ودك، ولم يزل يخبرني لحظك ما تضمر لي من بغضك " وكتب في أسفل ذلك :
وما أحب إذا أحببت مكتتما يبدي العداوة أحيانا ويخفيها
تظل في قلبه البغضاء كامنة فالقلب يكتمها والعين تبديها
والنفس تعرف في عيني محدثها من كان من سلمها أو من أعاديها
عيناك قد دلتا عيني منك على أشياء لولاهما ما كنت أدريها