الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
290 - ( 2617 ) - قال ابن عباس أخبرني أبو سفيان بن حرب أنهم كانوا بالشام تجارا وذلك في المدة التي كانت بين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وبين كفار قريش ، قال أبو سفيان فأتانا رسول قيصر فانطلق بي وبأصحابي حتى قدمنا إيلياء فأدخلنا عليه ، فإذا هو جالس في مجلس ملكه عليه التاج ، وإذا عظماء الروم فقال لترجمانه سلهم أيهم أقرب إلى هذا الرجل الذي يزعم أنه نبي ، [ ص: 8 ] قال أبو سفيان أنا أقربهم ، قال : فما قرابتك ؟ قال : قلت هو ابن عمي ، وليس في الركب يومئذ رجل من بني عبد مناف غيري ، قال : فقال قيصر : أدنوه مني ، فأمر بأصحابي فجعلوا خلف ظهري ثم قال لترجمانه إني سائل هذا عن هذا الرجل الذي يزعم أنه نبي ، فإن كذب فكذبوه .

قال أبو سفيان : لولا الاستحياء يومئذ من أن يأثر أصحابي عني الكذب لكذبته حين سأل ، ولكني استحييت أن يأثروا عني الكذب ، فصدقت عنه ، ثم قال لترجمانه : قل : كيف نسب هذا الرجل فيكم ، قال : قلت هو فينا ذو نسب ، قال : فهل قال هذا القول فيكم أحد قبله قط ؟ قلت: لا ، قال : فهل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال ؟ قلت : لا ، قال : فهل كان من آبائه ملك ؟ قال : قلت : لا ، قال : فأشراف الناس اتبعوه أم ضعفاؤهم ؟ قال : بل ضعفاؤهم . قال : فيزيدون أم ينقصون ؟ قال : قلت بل يزيدون ، قال : فهل يغدر ؟ قال : قلت : لا ، ونحن الآن منه في مدة ، فنحن نخاف ذلك ، قال : فقال أبو سفيان : فلم تمكني كلمة أدخل فيها بشيء أنتقصه به لأني أخاف أن يؤثر عني غيرها . قال : فهل قاتلتموه ؟ قال : قلت : نعم . قال : كيف كانت حربكم وحربه ؟ قال : قلت : كانت سجالا يدال علينا المرة ، ويدال عليه الأخرى . قال : فبماذا يأمركم ؟ قلت : يأمرنا [ ص: 9 ] أن نعبد الله لا نشرك به شيئا ، وينهانا عما كان يعبد آباؤنا ، ويأمرنا بالصلاة والصدقة ، والوفاء بالعهد ، وأداء الأمانة .

قال : فقال لترجمانه حين قلت ذلك : سألتك عن نسبه فيكم ؟ فزعمت أنه فيكم ذو نسب ، وكذلك الرسل تبعث بأنساب قومها ، وسألتك هل قال هذا القول منكم أحد قبله ؟ فزعمت أن لا ، فقلت : لو كان أحد منهم قال هذا القول قبله ، قلت رجل يأتم بقول قيل قبله ، وسألتك : هل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال ؟ فزعمت أن لا ، فقلت : إنه لم يكن ليذر الكذب على الناس ويكذب على الله ، وسألتك : هل كان من آبائه ملك ؟ فزعمت أن لا ، فقلت : لو كان من آبائه ملك ، قلت : رجل يطلب ملك أبيه ، وسألتك : أشراف الناس يتبعونه أم ضعفاؤهم ؟ فزعمت أن ضعفاءهم اتبعوه ، وهم أتباع الرسل ، وسألتك
 
... فذكر الحديث ، والحديث في حديث سويد .

التالي السابق


الخدمات العلمية