290 - ( 2617 ) - قال أخبرني ابن عباس أبو سفيان بن حرب بالشام تجارا وذلك في المدة التي كانت بين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وبين كفار قريش ، قال أبو سفيان فأتانا رسول قيصر فانطلق بي وبأصحابي حتى قدمنا إيلياء فأدخلنا عليه ، فإذا هو جالس في مجلس ملكه عليه التاج ، وإذا عظماء الروم فقال لترجمانه سلهم أيهم أقرب إلى هذا الرجل الذي يزعم أنه نبي ، [ ص: 8 ] قال أبو سفيان أنا أقربهم ، قال : فما قرابتك ؟ قال : قلت هو ابن عمي ، وليس في الركب يومئذ رجل من بني عبد مناف غيري ، قال : فقال قيصر : أدنوه مني ، فأمر بأصحابي فجعلوا خلف ظهري ثم قال لترجمانه إني سائل هذا عن هذا الرجل الذي يزعم أنه نبي ، فإن كذب فكذبوه .
قال أبو سفيان : لولا الاستحياء يومئذ من أن يأثر أصحابي عني الكذب لكذبته حين سأل ، ولكني استحييت أن يأثروا عني الكذب ، فصدقت عنه ، ثم قال لترجمانه : قل : كيف نسب هذا الرجل فيكم ، قال : قلت هو فينا ذو نسب ، قال : فهل قال هذا القول فيكم أحد قبله قط ؟ قلت: لا ، قال : فهل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال ؟ قلت : لا ، قال : فهل كان من آبائه ملك ؟ قال : قلت : لا ، قال : فأشراف الناس اتبعوه أم ضعفاؤهم ؟ قال : بل ضعفاؤهم . قال : فيزيدون أم ينقصون ؟ قال : قلت بل يزيدون ، قال : فهل يغدر ؟ قال : قلت : لا ، ونحن الآن منه في مدة ، فنحن نخاف ذلك ، قال : فقال أبو سفيان : فلم تمكني كلمة أدخل فيها بشيء أنتقصه به لأني أخاف أن يؤثر عني غيرها . قال : فهل قاتلتموه ؟ قال : قلت : نعم . قال : كيف كانت حربكم وحربه ؟ قال : قلت : كانت سجالا يدال علينا المرة ، ويدال عليه الأخرى . قال : فبماذا يأمركم ؟ قلت : يأمرنا [ ص: 9 ] أن نعبد الله لا نشرك به شيئا ، وينهانا عما كان يعبد آباؤنا ، ويأمرنا بالصلاة والصدقة ، والوفاء بالعهد ، وأداء الأمانة .
قال : فقال لترجمانه حين قلت ذلك : سألتك عن نسبه فيكم ؟ فزعمت أنه فيكم ذو نسب ، وكذلك الرسل تبعث بأنساب قومها ، وسألتك هل قال هذا القول منكم أحد قبله ؟ فزعمت أن لا ، فقلت : لو كان أحد منهم قال هذا القول قبله ، قلت رجل يأتم بقول قيل قبله ، وسألتك : هل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال ؟ فزعمت أن لا ، فقلت : إنه لم يكن ليذر الكذب على الناس ويكذب على الله ، وسألتك : هل كان من آبائه ملك ؟ فزعمت أن لا ، فقلت : لو كان من آبائه ملك ، قلت : رجل يطلب ملك أبيه ، وسألتك : أشراف الناس يتبعونه أم ضعفاؤهم ؟ فزعمت أن ضعفاءهم اتبعوه ، وهم أتباع الرسل ، وسألتك أنهم كانوا ... فذكر الحديث ، والحديث في حديث سويد .