الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
869 - ( 3624 ) - حدثنا يحيى بن أيوب ، حدثنا محمد بن الحسن بن أبي يزيد الصدائي ، حدثنا عباد المنقري ، عن علي بن زيد ، عن سعيد بن المسيب ، [ ص: 307 ] عن أنس بن مالك ، قال : قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة وأنا ابن ثمان سنين ، فأخذت أمي بيدي فانطلقت بي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقالت : يا رسول الله ، إنه لم يبق رجل ولا امرأة من الأنصار إلا قد أتحفتك بتحفة ، وإني لا أقدر على ما أتحفك به ، إلا ابني هذا ، فخذه فليخدمك ما بدا لك .

فخدمت رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر سنين ، فما ضربني ضربة ، ولا سبني سبة ، ولا انتهرني ولا عبس في وجهي ، وكان أول ما أوصاني به ، أن قال : يا بني ، اكتم سري تك مؤمنا ، فكانت أمي وأزواج النبي صلى الله عليه وسلم يسألنني عن سر رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا أخبرهم به ، وما أنا بمخبر سر رسول الله صلى الله عليه وسلم أحدا أبدا .

وقال : يا بني عليك بإسباغ الوضوء يحبك حافظاك ، ويزاد في عمرك .

ويا أنس بالغ في الاغتسال من الجنابة ، فإنك تخرج من مغتسلك وليس عليك ذنب ولا خطيئة .

قال : قلت : كيف المبالغة يا رسول الله ؟ قال : تبل أصول الشعر ، وتنقي البشرة ، ويا بني إن استطعت أن لا تزال أبدا على [ ص: 308 ] وضوء ، فإنه من يأته الموت وهو على وضوء يعط الشهادة .

ويا بني إن استطعت أن لا تزال تصلي ، فإن الملائكة تصلي عليك ما دمت تصلي .

ويا أنس إذا ركعت فأمكن كفيك من ركبتيك ، وفرج بين أصابعك ، وارفع مرفقيك عن جنبيك .

ويا بني إن رفعت رأسك من الركوع فأمكن كل عضو منك موضعه ، فإن الله لا ينظر يوم القيامة إلى من لا يقيم صلبه بين ركوعه وسجوده .

ويا بني فإذا سجدت فأمكن جبهتك وكفيك من الأرض ولا تنقر نقر الديك ، ولا تقع إقعاء الكلب - أو قال : الثعلب - وإياك والالتفات في الصلاة ، فإن الالتفات في الصلاة هلكة ، فإن كان لا بد ففي النافلة لا في الفريضة .

ويا بني وإذا خرجت من بيتك فلا تقعن عينك على أحد [ ص: 309 ] من أهل القبلة إلا سلمت عليه ، فإنك ترجع مغفورا لك .

ويا بني إذا دخلت منزلك فسلم على نفسك وعلى أهلك .

ويا بني إن استطعت أن تصبح وتمسي وليس في قلبك غش لأحد ، فإنه أهون عليك في الحساب .

ويا بني إن اتبعت وصيتي فلا يكن شيء أحب إليك من الموت
 
.

التالي السابق


الخدمات العلمية