الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
1483 - ( 4238 ) - حدثنا شيبان ، حدثنا سعيد بن سليم الضبي ، حدثنا أنس بن مالك ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جهز جيشا إلى المشركين ، فيهم أبو بكر ، وعمر ، أمرهما والناس كلهم ، قال لهم : أجدوا السير ، فإن بينكم وبين المشركين ماء ، إن سبق [ ص: 235 ] المشركون إلى ذلك الماء شق على الناس وغلبتم عطشا شديدا أنتم ودوابكم وركابكم .

وتخلف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ثمانية هو تاسعهم ، فقال لأصحابه : هل لكم أن نعرس قليلا ، ثم نلحق بالناس ؟ قالوا : نعم ، يا رسول الله ، فعرسوا فما أيقظهم إلا حر الشمس ، فاستيقظ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - واستيقظ أصحابه ، فقال لهم : قوموا واقضوا حاجتكم ، ففعلوا ، ثم رجعوا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : هل مع أحد منكم ماء ؟ قال رجل منهم : يا رسول الله ، ميضأة فيها شيء من ماء ، قال : جئ بها ، فجاء بها ، فأخذها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فمسحها بكفيه ودعا بالبركة ، ثم قال لأصحابه : تعالوا فتوضؤوا ، فجاءوا فجعل يصب عليهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى توضؤوا ، وأذن رجل منهم وأقام ، قال : فصلى بهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقال لصاحب الميضأة : ازدهر بميضأتك ، فسيكون لها نبأ ، فركب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه قبل الناس ، فقال لأصحابه : ما ترون الناس فعلوا ؟ قالوا : الله ورسوله أعلم ، قال لهم : إن فيهم أبا بكر ، وعمر ، وسيرشدان الناس .

فقدم الناس وقد سبق المشركون إلى ذلك الماء ، فشق على الناس ، وعطشوا عطشا شديدا وركابهم ودوابهم ، فقال [ ص: 236 ] رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : أين صاحب الميضأة ؟ قال : ها هو ذا يا رسول الله ، قال : جئ بميضأتك ، فجاء بها وفيها شيء من ماء ، فقال لهم كلهم : تعالوا فاشربوا ، فجعل يصب لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى شربوا كلهم ، وسقوا دوابهم وركابهم ، وملؤوا كل إداوة وقربة ومزادة ، ثم نهض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه إلى المشركين ، فبعث الله ريحا فضربت وجوه المشركين ، وأنزل الله تبارك وتعالى نصره ، وأمكن من أدبارهم ، فقتلوا منهم مقتلة عظيمة ، وأسروا أسارى كثيرة ، واستاقوا غنائم كثيرة ، ورجع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والناس وافرين صالحين
 
.

التالي السابق


الخدمات العلمية