الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 241 ] 520 - ( 6360 ) - حدثنا الحسن بن إسماعيل أبو سعيد ، حدثنا إبراهيم ، عن الزهري ، عن عطاء بن يزيد ، عن أبي هريرة ، قال : قال الناس : يا رسول الله ، هل نرى ربنا يوم القيامة ؟ قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : هل تضارون في رؤية الشمس ليس دونها سحاب ، هل تضارون في القمر ليلة البدر ؟ قالوا : لا ، قال : كذلك ترونه ، يجمع الله الناس يوم القيامة ، فيقول : من كان يعبد شيئا فليتبعه ، فيتبع من كان يعبد الشمس الشمس ، ومن كان يعبد القمر القمر ، ومن كان يعبد الطواغيت الطواغيت ، حتى تبقى هذه الأمة فيها شفعاؤها ، ويضرب الصراط بين ظهراني جهنم ، ثم أدعى فأكون أول من [ ص: 242 ] يتكلم ، ولا يتكلم يومئذ إلا الرسل ، ودعوى الرسل يومئذ : اللهم سلم سلم ، وفي الجسر كلاليب مثل شوك السعدان ، هل رأيتم السعدان ؟ قالوا : نعم ، قال : فإنه مثل شوك السعدان ، غير أنه لا يدري ما قدر عظمه إلا الله عز وجل ، يخطف الناس بأعمالهم ، منهم المؤمن ودي بعمله ، ومنهم المجازى - أو كلمة تشبهها لم يحفظها إبراهيم - حتى إذا فرغ الله من القضاء بين العباد ، أمر الملائكة أن يخرجوا من النار من كان لا يشرك بالله شيئا ، ممن أراد الله أن يرحمه ، فيخرجونهم ، فيعرفونهم بآثار السجود ، وحرم الله عز وجل على النار أن تأكل آثار السجود ، فيصب عليهم ماء الحياة - أو قال : من ماء الحياة - فينبتون كما تنبت الحبة في حميل السيل .

ويبقى رجل مقبل بوجهه على النار ، يقول : يا رب اصرف وجهي ، سفعني ريحها وأحرقني دخانها ، فيقول : هل رأيت إن أعطيتك ذلك أن تسألني غيره ، فيقول : لا وعزتك ، فيعطي الله ما شاء من عهود ومواثيق ، فلا يزال يدعو حتى يصرف وجهه عن النار ، فإذا أقبل بوجهه إلى الجنة سكت ما شاء الله أن يسكت ، ثم يقول : يا رب ، قدمني إلى باب الجنة ، فيقول الله عز وجل : ويحك - أو : ويلك - ابن آدم ، ما أغدرك [ ص: 243 ] ألم تعطني عهودك ومواثيقك أن لا تسألني غير ما أعطيتك ، فلا يزال يدعو حتى يقول : هل عسيت إن أعطيتك ذلك أن تسألني غيره ؟ فيعطي ربه ما شاء من عهود ومواثيق أن لا يسأله غيره ، فيقدمه إلى باب الجنة ، فإذا قام على باب الجنة تفهقت له الجنة ، فرأى ما فيها من الحبرة والسرور ، فسكت ما شاء الله أن يسكت ، ثم يقول : يا رب أدخلني الجنة ، فيقول : يا ابن آدم ، ما أغدرك ألم تعطني عهودك ومواثيقك أن لا تسألني غير ما أعطيتك ؟ فيقول : يا رب ، لا أكون أشقى خلقك ، ولا يزال يدعو ويسأله حتى قيل له ادخل الجنة ، فيقال له : تمن ، فيتمنى ، حتى إن الله يذكره من كذا وكذا حتى إذا انقضت به الأماني ، قال : لك هذا ومثله
 
.

521 - ( 6361 ) - قال عطاء بن يزيد : وأبو سعيد مع أبي هريرة يسمع حديثه لا يرد عليه منه شيئا ، حتى إذا قال : لك هذا ومثله معه ، قال أبو سعيد : لك هذا وعشرة أمثاله . قال أبو هريرة : ما حفظت من قوله : إلا لك هذا ومثله معه . [ ص: 244 ] قال أبو سعيد : أشهد أني حفظت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : هو لك وعشرة أمثاله .

قال أبو هريرة : فذلك آخر رجل دخل الجنة .

التالي السابق


الخدمات العلمية