الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
3 - ( 907 ) - حدثنا أبو كريب محمد بن العلاء ، حدثنا يونس بن بكير ، حدثنا إبراهيم بن إسماعيل بن مجمع الأنصاري ، حدثني إبراهيم بن عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك ، حدثني أبي ، عن جدي أبي أمي ، عن عبد الله بن أنيس قال : بعثني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبا قتادة ، وحليفا لهم من الأنصار ، وعبد الله بن عتيك إلى ابن أبي الحقيق لنقتله ، فخرجنا فجئنا خيبر ليلا ، فتتبعنا أبوابهم ، فغلقنا عليهم من خارج ، ثم جمعنا المفاتيح ، فأرقيناها ، فصعد القوم في النخل ، ودخلت أنا وعبد الله بن عتيك في درجة أبي الحقيق ، فتكلم عبد الله بن عتيك ، فقال ابن أبي الحقيق : ثكلتك أمك عبد الله أنى لك بهذه البلدة ، قومي فافتحي ، فإن الكريم لا يرد عن بابه هذه الساعة ، فقامت ، فقلت لعبد الله بن عتيك : دونك ، فأشهر عليهم السيف ، فذهبت امرأته لتصيح ، فأشهر عليها ، وأذكر قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه نهى عن قتل النساء والصبيان ، فأكف . فقال عبد الله بن أنيس : فدخلت عليه في مشربة له ، فوقفت أنظر إلى شدة بياضه في ظلمة البيت ، فلما رآني أخذ وسادة فاستتر بها ، فذهبت أرفع السيف لأضربه فلم أستطع من قصر البيت ، فوخزته وخزا ، ثم [ ص: 205 ] خرجت ، فقال صاحبي : فعلت ؟ قلت : نعم ، فدخل فوقف عليه ، ثم خرجنا فانحدرنا من الدرجة ، فسقط عبد الله بن عتيك في الدرجة ، فقال : وارجلاه ، كسرت رجلي . فقلت له : ليس برجلك بأس ، ووضعت قوسي واحتملته ، وكان عبد الله قصيرا ضئيلا ، فأنزلته فإذا رجله لا بأس بها ، فانطلقنا حتى لحقنا أصحابنا ، وصاحت المرأة : يا بياتاه ! فيثور أهل خيبر ، ثم ذكرت موضع قوسي في الدرجة ، فقلت : والله لأرجعن فلآخذن قوسي . فقال أصحابي : قد تثور أهل خيبر ، تقتل ؟ فقلت : لا أرجع أنا حتى آخذ قوسي ، فرجعت فإذا أهل خيبر قد تثوروا ، وإذا ما لهم كلام إلا : من قتل ابن أبي الحقيق ؟ فجعلت لا أنظر في وجه إنسان ولا ينظر في وجهي إلا قلت كما يقول : من قتل ابن أبي الحقيق ؟ حتى جئت الدرجة فصعدت مع الناس ، فأخذت قوسي ، ثم لحقت أصحابي ، فكنا نسير الليل ونكمن النهار ، فإذا كمنا النهار أقعدنا ناطورا ينظرنا ، حتى إذا اقتربنا من المدينة ، فكنا بالبيداء كنت أنا ناطرهم ، ثم إني ألحت لهم بثوبي ، فانحدروا ، فخرجوا جمزا ، وانحدرت في آثارهم فأدركتهم حتى بلغنا المدينة ، فقال لي أصحابي : هل رأيت شيئا ؟ فقلت : لا ، ولكن رأيت ما أدرككم من العناء فأحببت أن يحملكم الفزع . وأتينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يخطب الناس ، فقال - صلى الله عليه وسلم - : " أفلحت الوجوه " فقلنا : أفلح وجهك يا رسول الله ، قال : " فقتلتموه ؟ " قلنا : نعم ، فدعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالسيف الذي [ ص: 206 ] قتل به ، فقال : " هذا طعامه في ذباب السيف   .

التالي السابق


الخدمات العلمية