وإبراهيم إذ قال لقومه اعبدوا الله واتقوه ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون إنما تعبدون من دون الله أوثانا وتخلقون إفكا إن الذين تعبدون من دون الله لا يملكون لكم رزقا فابتغوا عند الله الرزق واعبدوه واشكروا له إليه ترجعون وإن تكذبوا فقد كذب أمم من قبلكم وما على الرسول إلا البلاغ المبين أولم يروا كيف يبدئ الله الخلق ثم يعيده إن ذلك على الله يسير قل سيروا في الأرض فانظروا كيف بدأ الخلق ثم الله ينشئ النشأة الآخرة إن الله على كل شيء قدير يعذب من يشاء ويرحم من يشاء وإليه تقلبون وما أنتم بمعجزين في الأرض ولا في السماء وما لكم من دون الله من ولي ولا نصير
وإبراهيم إذ قال لقومه اعبدوا الله ، يعني وحدوا الله. واتقوه ، يعني واخشوه، ذلكم ، يعني عبادة الله، خير لكم من عبادة الأوثان، إن كنتم تعلمون ، ولكنكم لا تعلمون.
إنما تعبدون من دون الله أوثانا ، يعني أصناما، وتخلقون إفكا ، يعني تعملونها بأيديكم، ثم تزعمون أنها آلهة كذبا وأنتم تنحتونها، فذلك قوله عز وجل: والله خلقكم وما تعملون بأيديكم من الأصنام، فقال سبحانه: إن الذين تعبدون من دون الله من الآلهة، لا يملكون ، يقول: لا يقدرون لكم رزقا ، على رزق، فابتغوا عند الله الرزق واعبدوه ، يعني وحدوه، واشكروا له ، واشكروا الله في النعم، فإن مصيركم إليه، فذلك قوله تعالى: إليه ترجعون أحياء بعد الموت.
وإن تكذبوا ، يعني كفار مكة يكذبوا محمدا صلى الله عليه وسلم بالعذاب وبالبعث، فقد كذب أمم من قبلكم ، يعني من قبل كفار مكة كذبوا رسلهم بالعذاب، وما على الرسول إلا البلاغ المبين ، يقول: وما على النبي صلى الله عليه وسلم إلا أن يبين لكم أمر العذاب.
[ ص: 515 ] أولم يروا كيف يبدئ الله الخلق ثم يعيده ، كما خلقهم، يقول: أولم يعلم كفار مكة كيف بدأ الله عز وجل ولم يكونوا شيئا، ثم هلكوا، ثم يعيدهم في الآخرة خلق الإنسان من نطفة، ثم من علقة، ثم من مضغة، ثم عظاما، ثم لحما، إن ذلك على الله يسير ، يقول: إعادتهم في الآخرة على الله عز وجل هين.
ثم قال للنبي صلى الله عليه وسلم: قل لهم: سيروا في الأرض ؛ ليعتبروا في أمر البعث، فانظروا كيف بدأ الخلق ، يعني وما فيها من الخلق؛ لأنهم يعلمون أن الله عز وجل خلق الأشياء كلها، خلق السماوات والأرض ثم إن الله ينشئ النشأة الآخرة ، يعني يعيد الخلق الأول، يقول: هكذا يخلق الخلق الآخر، يعني كما بدأ الخلق الأول، إنما ذكر النشأة الآخرة؛ لأنها بعد الخلق الأول، البعث بعد الموت إن الله على كل شيء من البعث وغيره قدير . يعذب من يشاء ويرحم من يشاء وإليه تقلبون ، يعني وإليه ترجعون بعد الموت يوم القيامة فيجزيكم بأعمالكم، وما أنتم بمعجزين ، يعني كفار مكة بمعجزين، يعني بسابقين الله عز وجل فتفوتوه، في الأرض كنتم، ولا في السماء ، كنتم أينما كنتم حتى يجزيكم بأعمالكم السيئة، وما لكم من دون الله من ولي ، يعني من قريب لينفعكم، ولا نصير ، يعني ولا مانع يمنعكم من الله عز وجل.