الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      وأوحينا إلى أم موسى أن أرضعيه فإذا خفت عليه فألقيه في اليم ولا تخافي ولا تحزني إنا رادوه إليك وجاعلوه من المرسلين  فالتقطه آل فرعون ليكون لهم عدوا وحزنا إن فرعون وهامان وجنودهما كانوا خاطئين  وقالت امرأت فرعون قرت عين لي ولك لا تقتلوه عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولدا وهم لا يشعرون وأصبح فؤاد أم موسى فارغا إن كادت لتبدي به لولا أن ربطنا على قلبها لتكون من المؤمنين  وقالت لأخته قصيه فبصرت به عن جنب وهم لا يشعرون وحرمنا عليه المراضع من قبل فقالت هل أدلكم على أهل بيت يكفلونه لكم وهم له ناصحون فرددناه إلى أمه كي تقر عينها ولا تحزن ولتعلم أن وعد الله حق ولكن أكثرهم لا يعلمون  

                                                                                                                                                                                                                                      وأوحينا إلى أم موسى أي : قذف في قلبها ، وليس بوحي النبوة أن أرضعيه فإذا خفت عليه الطلب فألقيه في اليم في البحر ولا تخافي عليه الضيعة ولا تحزني أن يقتل إنا رادوه إليك قال قتادة : فجعلته في تابوت ، ثم قذفته في البحر فالتقطه آل فرعون قال يحيى : بلغني أن الغسالات على النيل التقطنه ليكون لهم عدوا في دينهم وحزنا يحزنهم به .

                                                                                                                                                                                                                                      قال محمد : قوله : ليكون لهم عدوا وحزنا أي : ليصير الأمر إلى ذلك ، [ ص: 318 ] لا أنهم طلبوه وأخذوه لذلك ، ومثله من الكلام قولهم للذي كسب مالا ، فأداه ذلك إلى الهلاك : إنما كسب فلان لحتفه ، وهو لم يطلب المال لحتفه ، ولكن صار الأمر إلى ذلك ، وهذه اللام يسميها بعض النحويين لام الصيرورة .

                                                                                                                                                                                                                                      وقالت امرأت فرعون قرت عين لي ولك تقوله لفرعون . قال قتادة : ألقيت عليه رحمتها حين أبصرته لا تقتلوه عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولدا وهم لا يشعرون أن هلاكهم على يديه ، وفي زمانه وأصبح فؤاد أم موسى فارغا تفسير قتادة : أي : فارغا من كل شيء ، غير ذكر موسى لا تذكر غيره إن كادت لتبدي به قال قتادة : لتبين أنه ابنها من شدة وجدها لولا أن ربطنا على قلبها بالإيمان .

                                                                                                                                                                                                                                      قال محمد : الربط على القلب : إلهام الصبر ، وتشديده ، وتقويته .

                                                                                                                                                                                                                                      وقالت أم موسى لأخته لأخت موسى قصيه أي : اتبعي أثره فبصرت به عن جنب أي : من بعيد وهم لا يشعرون أنها أخته ، جعلت تنظر إليه ، وكأنها لا تريده وحرمنا عليه المراضع من قبل قال قتادة : جعل لا يؤتى بامرأة إلا لم يأخذ ثديها فقالت هل أدلكم ألا أدلكم على أهل بيت يكفلونه لكم أي : يضمونه فيرضعونه ولتعلم أن وعد الله حق يعني : الذي قذف في قلبها ولكن أكثرهم لا يعلمون يعني : جماعتهم .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 319 ]

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية