الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
107 - ذكر عياش بن أبي ربيعة المخزومي رضي الله عنه

قال ابن إسحاق: قدم على النبي صلى الله عليه وسلم من أرض الحبشة وهو بمكة، فأقام معه حتى هاجر إلى المدينة.

روي عن عمر رضي الله عنه، قال:، اتعدت أنا وعياش بن أبي ربيعة ، وهشام بن العاص بن وائل ، حين أردنا أن نخرج إلى المدينة التناضب من إضاءة بني غفار، وقلنا: أيكم ما تخلف عن الصبح، فقد حبس فلينطلق من أصبح عندهن، فأصبحت أنا وعياش بن أبي ربيعة عندهن، وحبس هشام وفتن فافتتن، فقدمت المدينة أنا وعياش بن أبي ربيعة ، فنزلنا بقباء، فلما اطمأننا قدم على عياش أخواه لأمه، أبو جهل ، والحارث ، فقالا له: إن أمك قد نذرت أن لا يظلها ظل ولا يمس رأسها غسل حتى [ ص: 600 ] تراك، فقلت: والله، إن يريدان إلا أن يفتناك عن دينك، ولو قد وجدت أمك حر مكة لقد استظلت، ولو قد آذاها القمل لقد امتشطت، فقال عياش: إن لي بمكة مالا فلعلي آخذه، قلت: والله لقد علمت أني من أكثر قومي مالا فلك نصف مالي فلا ترجع معهما، فلما أبى إلا الرجعة، قلت له: هذه ناقتي فخذها فإنها ذلول ناجية، فالزم ظهرها، فإن رابك من الرجل شيء فانج عليها، فخرجا به فلما دنوا من مكة، قال: أحدهما وهو أبو جهل: يا أخي لقد استغلظت بعيري هذا، فلو أعقبتني على ناقتك فإنها ألين منه فنزل، فلما وقع إلى الأرض أوثقاه وضرباه، فلما دخل مكة قالا: يا أهل مكة، هكذا فافعلوا بسفهائكم ثم فتنوه فافتتن " قال عمر رضي الله عنه: كنا نقول: ما لمن افتتن من توبة، وكانوا يقولون: ما الله بقابل منا شيئا قد تركنا الإسلام لبلاء يسير أصابنا، فأنزل الله عز وجل فيهم: يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله ، قال عمر: فكتبتها ثم بعثت بها إلى هشام بن العاص ، قال هشام: لما أتتني جعلت أقرؤها فلا أفهمها، فقلت: اللهم فهمنيها، فألقي في نفسي أنها إنما أنزلت لما كنا نقول في أنفسنا ويقال فينا، فجلست على بعيري ثم لحقت بالمدينة [ ص: 601 ] .

قال أهل التفسير: نزلت هذه الآية في عياش بن أبي ربيعة وأصحابه ومن الناس من يقول آمنا بالله فإذا أوذي في الله جعل فتنة الناس كعذاب الله .

وعن أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم لما رفع رأسه من الركعة الأخيرة في صلاة الفجر، قال: "اللهم ربنا ولك الحمد، اللهم أنج الوليد بن الوليد ، وسلمة بن هشام ، وعياش بن أبي ربيعة ، والمستضعفين من المؤمنين بمكة، اللهم اشدد وطأتك على مضر واجعلها عليهم كسني يوسف"   [ ص: 602 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية