الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
باب الميم

135 - ذكر معاذ بن جبل رضي الله عنه

أنصاري، خزرجي، شهد العقبة، وبدرا، والمشاهد، بعثه النبي صلى الله عليه وسلم عاملا إلى اليمن.

يكنى أبا عبد الرحمن ، أسلم وهو ابن ثمان عشرة، وتوفي وهو ابن ثمان وثلاثين سنة.

وقال سعيد بن المسيب: رفع عيسى ابن مريم عليه السلام وهو ابن ثلاث وثلاثين سنة، ومات معاذ بن جبل وهو ابن ثلاث وثلاثين سنة [ ص: 647 ] .

وقال فروة بن نوفل الأشجعي: كنت جالسا عند عبد الله بن مسعود ، فقال: إن معاذ بن جبل كان أمة قانتا لله حنيفا ولم يك من المشركين ، قال: قلت: غلط أبو عبد الرحمن ، فقلت: يا أبا عبد الرحمن، إنما قال الله: إن إبراهيم كان أمة قانتا لله حنيفا ، فأعادها فعرفت أنه يعمد تعمدا، فسكت، فقال: أتدري ما الأمة؟ الذي يعلم الناس الخير، والقانت: المطيع، وكذلك معاذ بن جبل يعلم الخير، وكان مطيعا لله ورسوله.

وخطب عمر بن الخطاب رضي الله عنه الناس بالجابية، فقال: ومن أراد أن يسأل عن الفقه، فليأت معاذ بن جبل رضي الله عنه.

وعن أنس رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أعلمهم بالحلال والحرام معاذ بن جبل"   .

أخبرنا سهل بن محمد بن معروف ، أخبرنا أبو عبد الرحمن الشاذياخي ، حدثنا أبو بكر الجوزقي ، حدثنا أبو العباس الدغولي ، حدثنا محمد بن [ ص: 648 ] يحيى ، حدثنا محمد بن يوسف ، عن سفيان ، عن الأعمش ، عن أبي وائل ، عن مسروق ، عن عبد الله بن عمرو ، رضي الله عنه، قال: ذاك رجل لم أزل أحبه، يعني ابن مسعود ، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "اقرأ القرآن من أربعة نفر: من ابن أم عبد، فبدأ به، وأبي بن كعب، ومعاذ بن جبل، وسالم مولى أبي حذيفة  

قال: وحدثنا الدغولي ، حدثنا محمد بن المهلب ، حدثنا عبد الله بن مسلمة ، حدثنا عبد العزيز ، عن سهيل ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "نعم الرجل معاذ بن جبل"  قال: وحدثنا الدغولي ، حدثنا محمد بن مشكان ، حدثنا عبد الله بن يزيد المقرئ ، حدثنا حيوة بن شريح ، عن عقبة بن مسلم ، عن أبي عبد الرحمن الحبلي ، عن الصنابحي ، عن معاذ بن جبل رضي الله عنه، قال: أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي يوما، فقال: "يا معاذ، إني أحبك لله [ ص: 649 ] تعالى" .

قال معاذ: قلت: بأبي وأمي والله إني لأحبك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يا معاذ، لا تدعن أن تقول عن دبر كل صلاة: اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك ".
 


فأوصى بذلك الصنابحي ، وأوصى الصنابحي ، أبا عبد الرحمن الحبلي ، وأوصى أبو عبد الرحمن ، عقبة بن مسلم

ح قال: وحدثنا الدغولي ، أبو بكر من أبي خيثمة ، حدثنا أبي ، حدثنا الوليد ، حدثنا الأوزاعي ، حدثني حسان بن عطية ، حدثني عبد الرحمن بن سابط ، عن عمرو بن ميمون الأودي ، قال: قدم علينا معاذ بن جبل رضي الله عنه، رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم من السحر رافعا [ ص: 650 ] صوته بالتكبير أجش الصوت، فألقيت علي محبته، فما فارقته حتى حثوت التراب عليه ميتا بالشام  

قال: وحدثنا الدغولي ، حدثنا محمد بن أحمد بن حكيم ، حدثنا المقرئ ، حدثنا حيوة ، حدثني أبو صخر ، أن زيد بن أسلم ، حدثه، عن أبيه ، عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، أنه قال لأصحابه: تمنوا، فقال رجل: أتمنى لو أن هذه الدار مملوءة ذهبا أنفقه في سبيل الله، ثم قال: تمنوا، فقال رجل: أتمنى لو أنها مملوءة لؤلؤا وزبرجدا وجوهرا، فأنفقه في سبيل الله وأتصدق به، ثم قال عمر رضي الله عنه: تمنوا، فقالوا: ما ترى يا أمير المؤمنين، فقال عمر: أتمنى لو أنها مملوءة رجالا مثل أبي عبيدة بن الجراح ، ومعاذ بن جبل ، وسالم مولى أبي حذيفة ، وحذيفة بن اليمان [ ص: 651 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية