الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
237 - ذكر عامر بن شرحبيل الشعبي رضي الله عنه

من تابعي أهل الكوفة، كنيته أبو عمرو.

قال عاصم: حدثت الحسن بموت الشعبي ، فقال: رحمه الله، إن كان من الإسلام لبمكان.

وقال أشعث بن سوار: لما هلك الشعبي أتيت البصرة فدخلت على الحسن ، فقلت: يا أبا سعيد هلك الشعبي ، فقال: إنا لله وإنا إليه راجعون .

إن كان لقديم السن، كثير العلم، وإنه من الإسلام بمكان،  ثم أتيت محمد بن سيرين ، فقلت: يا أبا بكر هلك الشعبي فقال: مثل ما قال الحسن [ ص: 885 ] .

وعن ابن سيرين ، قال: وللشعبي حلقة عظيمة وأصحاب قدمت الكوفة رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ كثير.

وعن عاصم بن سليمان ، قال: ما رأيت أحدا كان أعلم بحديث الكوفة والبصرة والحجاز والآفاق من الشعبي.

وقال أبو مجلز: ما رأيت أفقه من الشعبي.  

وقال الشعبي: إنما الفقيه من ورع عن محارم الله، والعالم من خاف الله.  

وقال الأصمعي: اجتمع الشعبي ، والأخطل عند عبد الملك فلما خرجا، قال الأخطل ، للشعبي: يا شعبي ارفق بي فإنك تغرف من آنية شتى وأنا أغرف من إناء واحد.

وقال الشعبي: ما ترك أحد في الدنيا شيئا لله إلا أعطاه الله في الآخرة ما هو خير له.  

وقال الشعبي: يشرف قوم دخلوا الجنة على قوم دخلوا النار فيقولون: إنا كنا نعلمكم ولا نعمل به [ ص: 886 ] .

وقال الشعبي: ليتني لم أتعلم علما قط.

وقال: وددت أني أنجو منه كفافا لا علي ولا لي.

وقال الشعبي: كان عيسى بن مريم إذا ذكر عنده الساعة صاح وقال: لا ينبغي لابن مريم أن تذكر عنده الساعة فيسكت.

وعن الشعبي ، قال: من زوج كريمته من فاسق فقد قطع رحمها.  

وقال عجلان: كان زياد إذا خرج من منزله مشيت أمامه إلى مجلسه، فإذا بهر في زاوية، فذهبت أزجره فقال: دعه يأرب ماله، ثم صلى الظهر ثم عاد إلى مجلسه، ثم صلى العصر فعاد إلى مجلسه، كل ذلك يلاحظ الهرة، فلما كان قبيل غروب الشمس خرج جرذ فوثب إليه فأخذه فقال زياد: من كانت له حاجة فليواظب عليها مواظبة الهر.  

وقال: البس من الثياب ما لا يزدريك فيه السفهاء ولا يعيبه عليك العلماء.  

وقال الشعبي: إذا اختلف الناس في شيء فانظر كيف صنع عمر ، فإن عمر لم يكن يصنع شيئا حتى يشاور قال: فذكرت ذلك لابن سيرين ، فقال: إذا رأيت الرجل يخبرك أنه أعلم من عمر فاحذره   [ ص: 887 ] .

وقال الشعبي: إنما هلكتم حين تركتم الآثار وأخذتم بالمقاييس.

وقال الشعبي: ما كتبت سوداء في بيضاء قط، وما سمعت من رجل حديثا قط فأردت أن يعيده علي.

وقال الشعبي: أدركت خمس مائة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم.

وقال الشعبي: ما بكيت من زمان إلا بكيت عليه.

وقال الشعبي: إنما كان يطلب هذا العلم من اجتمعت فيه خصلتان: العقل، والنسك، فإن كان عاقلا ولم يكن ناسكا، قيل: هذا أمر لا يناله إلا النساك، فلم تطلبه؟ وإن كان ناسكا ولم يكن عاقلا، قيل: هذا أمر لا يناله إلا العقلاء، فلم تطلبه؟ .

وقال الشعبي: فقد رهبت أن يكون يطلبه اليوم من ليس فيه واحد منهما لا عقل ولا نسك.

وقال الشعبي: لا تمنعوا العلم أهله فتأثموا، ولا تحدثوا به غير أهله فتأثموا.  

وكان الشعبي ، يقول: ليست الأحلام في حال الرضا، إنما الأحلام في حال الغضب   [ ص: 888 ] .

التالي السابق


الخدمات العلمية