الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                  معلومات الكتاب

                  منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية

                  ابن تيمية - أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني

                  صفحة جزء
                  فصل .

                  وأما قوله عنهم : إنهم يقولون : [ إنه ] [1] لا يفعل ما هو الأصلح [ ص: 461 ] لعباده بل ما هو الفساد ؛ لأن فعل [2] المعاصي وأنواع الكفر وجميع أنواع الفساد الواقعة في العالم مسندة إليه ، تعالى الله عن ذلك .

                  يقال : هذا الكلام وإن قاله طائفة من متكلمي أهل الإثبات ، فهو قول طائفة من متكلمي الشيعة أيضا . وأئمة أهل السنة وجمهورهم لا يقولون ما ذكر ، بل الذي [3] يقولونه : إن الله خالق كل شيء وربه ومليكه ، وإنه لا يخرج عن ملكه وخلقه وقدرته شيء ، وقد دخل في ذلك جميع أفعال الحيوان ، فهو خالق لعبادات الملائكة والمؤمنين وسائر حركات العباد .

                  والقدرية ينفون عن ملكه خيار ما في ملكه ، وهو طاعة الملائكة والأنبياء والمؤمنين [4] فيقولون : لم يخلقها الله تعالى ، ولا يقدر على أن يستعمل العبد فيها ، ولا يلهمه إياها ، ولا يقدر أن يجعل من لم يفعلها فاعلا لها .

                  وقد قال الخليل - عليه السلام - : ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك [ سورة البقرة : 128 ] فطلب من الله أن يجعله مسلما لله [5] ومن ذريته أمة مسلمة له ، وهو صريح في أن الله تعالى يجعل الفاعل فاعلا . وقال : رب اجعلني مقيم الصلاة ومن ذريتي [ سورة إبراهيم : 40 ] ، فقد طلب من الله [ تعالى ] أن [6] \ 3 461 3 يجعله مقيم الصلاة ، فعلم [ ص: 462 ] أن الله هو الذي يجعل المصلي [7] مصليا . وقد أخبر عن الجلود والجوارح إخبار مصدق لها أنها قالت : أنطقنا الله الذي أنطق كل شيء [ سورة فصلت : 21 ] فعلم أنه ينطق جميع الناطقين .

                  وأما كونه لا يفعل ما هو الأصلح لعباده أو لا يراعي مصالح العباد ، فهذا مما اختلف فيه الناس .

                  التالي السابق


                  الخدمات العلمية