الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                  معلومات الكتاب

                  منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية

                  ابن تيمية - أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني

                  صفحة جزء
                  وأما قوله بل [1] قد يقع منهم الخطأ [2] " [ ص: 472 ] فيقال له : هم متفقون على أنهم لا يقرون [ على ] [3] خطأ في الدين أصلا ولا على فسوق [4] ولا كذب ، ففي الجملة كل ما يقدح في نبوتهم وتبليغهم عن الله فهم متفقون على تنزيههم عنه . وعامة الجمهور الذين يجوزون عليهم الصغائر يقولون : إنهم معصومون من الإقرار عليها ، فلا يصدر عنهم ما يضرهم .

                  كما جاء في الأثر : كان داود بعد التوبة خيرا منه قبل الخطيئة ، والله يحب التوابين ويحب المتطهرين [ سورة البقرة : 222 ] ، وإن العبد ليفعل السيئة فيدخل بها الجنة .

                  وأما النسيان والسهو في الصلاة فذلك واقع منهم ، وفي وقوعه حكمة استنان المسلمين بهم كما روي في موطأ مالك : " إنما أنسى أو أنسى لأسن " [5] . وقد قال - صلى الله عليه وسلم - " إنما أنا بشر أنسى كما تنسون فإذا نسيت فذكروني " أخرجاه في الصحيحين [6] . ولما صلى [ ص: 473 ] بهم خمسا ، فلما سلم قالوا : له [ يا رسول الله ] [7] أزيد في الصلاة ؟ قال : وما ذاك ؟ قالوا : صليت خمسا ، [ فقال ] الحديث [8] .

                  وأما الرافضة فأشبهوا النصارى ، فإن الله تعالى أمر الناس بطاعة الرسل فيما أمروا به ، وتصديقهم فيما أخبروا به ، ونهى الخلق عن الغلو والإشراك بالله ، فبدلت النصارى دين الله ، فغلوا في المسيح فأشركوا به ، وبدلوا دينه فعصوه وعظموه فصاروا عصاة بمعصيته ، وبالغوا فيه خارجين عن أصلي الدين وهما الإقرار لله بالوحدانية ولرسله بالرسالة : أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، فالغلو أخرجهم عن التوحيد حتى قالوا بالتثليث والاتحاد ، وأخرجهم عن طاعة الرسول وتصديقه حيث أمرهم أن يعبدوا الله ربه وربهم ، فكذبوه في قوله : إن الله ربه وربهم [9] وعصوه فيما أمرهم به .

                  التالي السابق


                  الخدمات العلمية