الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                  معلومات الكتاب

                  منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية

                  ابن تيمية - أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني

                  صفحة جزء
                  وأما الطائفة الثالثة ، فأطلقوا في النفي والإثبات ما جاء به الكتاب والسنة ، وما تنازع النظار في نفيه وإثباته من غير اعتصام بالكتاب والسنة ، لم توافقهم فيه على ما ابتدعوه في الشرع وخالفوا به العقل ، بل إما أن يمسكوا عن التكلم بالبدع نفيا وإثباتا ، وإما أن يفصلوا القول في اللفظ [ ص: 110 ] والملفوظ المجمل ، فما كان في إثباته من حق يوافق الشرع أو العقل أثبتوه ، وما كان من نفيه حق [1] في الشرع أو العقل نفوه ، ولا يتصور عندهم تعارض الأدلة الصحيحة العلمية ، لا السمعية ولا العقلية .

                  والكتاب والسنة يدل بالإخبار تارة ، ويدل بالتنبيه تارة ، والإرشاد والبيان للأدلة العقلية تارة ، وخلاصة ما عند أرباب النظر العقلي في الإلهيات من الأدلة اليقينية والمعارف الإلهية قد جاء به الكتاب والسنة ، مع زيادات وتكميلات لم يهتد إليها إلا من هداه الله بخطابه ، فكان فيما جاء به الرسول[2] من الأدلة العقلية والمعارف اليقينية فوق ما في عقول جميع العقلاء من الأولين والآخرين .

                  وهذه الجملة لها بسط عظيم قد بسط من ذلك ما بسط في مواضع متعددة ، والبسط التام لا يتحمله هذا المقام ، فإن لكل مقام مقالا .

                  ولكن الرافضة لما اعتضدت بالمعتزلة ، وأخذوا يذمون أهل السنة بما هم فيه مفترون : عمدا أو جهلا ، ذكرنا ما يناسب ذلك في هذا المقام .

                  والمقصود هنا أن أهل السنة ] [3] متفقون على أن الله ليس كمثله شيء ، لا في ذاته ولا في صفاته ولا في أفعاله . ولكن لفظ " التشبيه " في كلام هؤلاء النفاة المعطلة [4] لفظ مجمل ، فإن أراد بلفظ [5] التشبيه ما نفاه [ ص: 111 ] ( 1 القرآن ودل عليه العقل فهذا حق ، فإن خصائص الرب تعالى لا يوصف بها شيء 1 ) [6] من المخلوقات ، ولا يماثله [ شيء من المخلوقات في ] [7] شيء من صفاته .

                  مذهب سلف الأمة وأئمتها أن يوصف الله بما وصف به نفسه ، وبما وصفه به رسوله ، من غير تحريف ولا تعطيل ، ومن غير تكييف ولا تمثيل ، يثبتون لله ما أثبته من الصفات ، وينفون عنه مماثلة [8] المخلوقات ، [ يثبتون له صفات الكمال ، وينفون عنه ضروب [9] الأمثال ، ينزهونه عن النقص والتعطيل ، وعن التشبيه والتمثيل ] [10] ، إثبات بلا تشبيه [11] ، وتنزيه بلا تعطيل : ( ليس كمثله شيء ) رد على الممثلة ، ( وهو السميع البصير ) [ سورة الشورى : 11 ] رد على المعطلة .

                  ومن جعل صفات الخالق مثل صفات المخلوق فهو المشبه المبطل المذموم . وإن أراد بالتشبيه أنه لا يثبت لله شيء من الصفات ، فلا يقال : له علم ولا قدرة ولا حياة ; لأن العبد موصوف بهذه الصفات ; فلزمه [12] أن لا يقال له : حي عليم قدير ; لأن العبد يسمى بهذه الأسماء ، وكذلك في كلامه وسمعه وبصره ورؤيته وغير ذلك .

                  [ ص: 112 ] وهم يوافقون أهل السنة ( * [13] على أن الله موجود حي عليم قادر ، والمخلوق يقال له : [ موجود ] [14] حي عليم قدير ولا يقال : هذا تشبيه [15] يجب نفيه .

                  [ وهذا مما يدل عليه الكتاب والسنة [16] وصريح العقل ، ولا يمكن أن يخالف فيه عاقل ، فإن الله تعالى سمى نفسه بأسماء ، وسمى بعض عباده بأسماء ، وكذلك سمى صفاته بأسماء ، وسمى بعضها صفات خلقه ، وليس المسمى كالمسمى ، فسمى نفسه حيا عليما قديرا ، رءوفا رحيما ، عزيزا حكيما ، سميعا بصيرا ، ملكا مؤمنا ، جبارا متكبرا ، كقوله : ( الله لا إله إلا هو الحي القيوم ) [ سورة البقرة : 255 ] ، وقوله : ( إنه عليم قدير ) [ سورة الشورى : 50 ] ، وقال : ( ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم والله غفور حليم ) [ سورة البقرة : 225 ] ، وقال : ( والله عزيز حكيم ) [ سورة البقرة : 228 ، 240 ] ، وقال : ( إن الله بالناس لرءوف رحيم ) [ سورة الحج : 65 ] ، وقال : ( إن الله كان سميعا بصيرا ) [ سورة النساء : 58 ] ، وقال : ( هو الله الذي لا إله إلا هو الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر ) [ سورة الحشر : 23 ] .

                  وقد سمى بعض عباده حيا ، فقال : ( يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي ) [ سورة الروم : 19 ] . [ ص: 113 ] وبعضهم عليما بقوله : ( وبشروه بغلام عليم ) [ سورة الذاريات : 28 ] [17] ، وبعضهم حليما بقوله : ( فبشرناه بغلام حليم ) [ سورة الصافات : 101 ] ، وبعضهم رءوفا رحيما بقوله : ( بالمؤمنين رءوف رحيم ) [ سورة التوبة : 128 ] ، وبعضهم سميعا بصيرا ( بقوله : ( فجعلناه سميعا بصيرا ) [ سورة الإنسان : 2 ] ) [18] ، وبعضهم عزيزا بقوله : ( قالت امرأة العزيز ) [ سورة يوسف : 51 ] ، وبعضهم ملكا بقوله : ( وكان وراءهم ملك يأخذ كل سفينة غصبا ) [ سورة الكهف : 79 ] ، وبعضهم مؤمنا بقوله : ( أفمن كان مؤمنا ) [ سورة السجدة : 18 ] ، وبعضهم جبارا متكبرا بقوله : ( كذلك يطبع الله على كل قلب متكبر جبار ) [ سورة غافر : 35 ] .

                  ومعلوم أنه لا يماثل الحي الحي ، ولا العليم العليم ، ولا العزيز العزيز ، ولا الرءوف الرءوف ، ولا الرحيم الرحيم ، ولا الملك الملك ، ولا الجبار الجبار ، ولا المتكبر المتكبر .

                  وقال : ( ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء ) [ سورة البقرة : 255 ] ، وقال : ( أنزله بعلمه ) [ سورة النساء : 166 ] ، وقال : ( وما تحمل من أنثى ولا تضع إلا بعلمه ) [ سورة فاطر : 11 ] ، وقال : ( إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين ) [ سورة الذاريات : 58 ] ، وقال : ( أولم يروا أن الله الذي خلقهم هو أشد منهم قوة ) [ سورة فصلت : 15 ] .

                  وفي الصحيحين عن جابر بن عبد الله قال : كان رسول الله - صلى الله [ ص: 114 ] عليه وسلم - يعلمنا الاستخارة في الأمور كلها كما يعلمنا السورة من القرآن ، يقول : " إذا هم أحدكم بالأمر فيركع ركعتين من غير الفريضة ، ثم ليقل : اللهم إني أستخيرك بعلمك ، وأستقدرك بقدرتك ، وأسألك من فضلك العظيم ، فإنك تقدر ولا أقدر ، وتعلم ولا أعلم وأنت علام الغيوب . اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر - يسميه - خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري ، فاقدره لي ويسره لي ثم بارك لي فيه ، وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شر لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري ، فاصرفه عني واصرفني عنه ، واقدر لي الخير حيث كان ثم رضني به " [19] .

                  وفي حديث عمار بن ياسر الذي رواه النسائي وغيره ، عن عمار بن ياسر أن [20] النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يدعو بهذا الدعاء : " اللهم بعلمك الغيب ، وبقدرتك على الخلق ، أحيني ما كانت الحياة خيرا لي ، وتوفني إذا كانت الوفاة خيرا لي ، اللهم إني أسألك خشيتك في الغيب والشهادة ، وأسألك كلمة الحق في الغضب والرضا ، وأسألك القصد في [ ص: 115 ] الفقر والغنى ، وأسألك نعيما لا ينفد ، وقرة عين لا تنقطع ، وأسألك الرضا بعد القضاء ، وأسألك برد العيش بعد الموت ، وأسألك لذة النظر إلى وجهك ، والشوق إلى لقائك في غير ضراء مضرة ، ولا فتنة مضلة ، اللهم زينا بزينة الإيمان ، واجعلنا هداة مهتدين " [21] .

                  فقد سمى الله ورسوله صفات الله تعالى علما وقدرة وقوة ، وقد قال الله تعالى [22] : ( الله الذي خلقكم من ضعف ثم جعل من بعد ضعف قوة ثم جعل من بعد قوة ضعفا وشيبة ) [ سورة الروم : 54 ] ، وقال : ( وإنه لذو علم لما علمناه ) [ سورة يوسف : 68 ] ، ومعلوم أنه ليس العلم كالعلم ، ولا القوة كالقوة ، ونظائر هذا كثيرة .

                  وهذا لازم لجميع العقلاء ، فإن من نفى بعض ما وصف الله به نفسه كالرضا والغضب والمحبة والبغض ونحو ذلك ، وزعم أن ذلك يستلزم التشبيه والتجسيم .

                  قيل له : فأنت تثبت له الإرادة والكلام والسمع والبصر ، مع أن ما تثبته ليس مثل صفات المخلوقين ، فقل فيما أثبته مثل قولك فيما نفيته وأثبته الله ورسوله إذ لا فرق بينهما .

                  فإن قال : أنا لا أثبت شيئا من الصفات .

                  قيل له : فأنت تثبت له الأسماء الحسنى مثل : حي وعليم وقدير ، [ ص: 116 ] والعبد يسمى بهذه الأسماء ، وليس ما تثبت للرب من هذه الأسماء مماثلا لما تثبت للعبد ، فقل في صفاته نظير قولك ذلك في مسمى أسمائه .

                  فإن قال : وأنا لا أثبت له الأسماء الحسنى ، بل أقول هي مجاز ، أو هي أسماء لبعض مبتدعاته ، كقول غلاة الباطنية والمتفلسفة .

                  قيل له : فلا بد أن تعتقد أنه حق قائم بنفسه ، والجسم موجود قائم بنفسه وليس هو مماثلا له .

                  فإن قال : أنا لا أثبت شيئا ، بل أنكر وجود الواجب .

                  قيل له : معلوم بصريح العقل أن الموجود إما واجب بنفسه ، وإما غير واجب بنفسه ، وإما قديم أزلي ، وإما حادث كائن بعد أن لم يكن ، وإما مخلوق مفتقر إلى خالق ، وإما غير مخلوق ولا مفتقر إلى خالق ، وإما فقير إلى ما سواه ، وإما غني عما سواه .

                  وغير الواجب بنفسه لا يكون إلا بالواجب بنفسه ، والحادث لا يكون إلا بقديم ، والمخلوق لا يكون إلا بخالق ، والفقير لا يكون إلا بغني عنه ، فقد لزم على تقدير النقيضين وجود موجود واجب بنفسه قديم أزلي خالق غني عما سواه ، وما سواه بخلاف ذلك .

                  وقد علم بالحس والضرورة وجود موجود حادث كائن بعد أن لم يكن ، والحادث لا يكون واجبا بنفسه ، ولا قديما أزليا ، ولا خالقا لما سواه ، ولا غنيا عما سواه ، فثبت بالضرورة وجود موجودين : أحدهما غني والآخر فقير ، وأحدهما خالق والآخر مخلوق ، وهما متفقان في كون كل منهما شيئا موجودا ثابتا ، بل وإذا كان المحدث جسما فكل منهما قائم بنفسه .

                  [ ص: 117 ] ومن المعلوم أيضا أن أحدهما ليس مماثلا للآخر في حقيقته ، إذ لو كان كذلك لتماثلا فيما يجب ويجوز ويمتنع ; وأحدهما يجب قدمه وهو موجود بنفسه ; وأحدهما غني عن كل ما سواه والآخر ليس بغني ، وأحدهما خالق والآخر ليس بخالق ، فلو تماثلا للزم أن يكون كل منهما واجب القدم ليس بواجب القدم ، موجودا بنفسه ليس بموجود بنفسه ، غنيا عما سواه ليس بغني عما سواه ، خالقا ليس بخالق ، فيلزم اجتماع النقيضين على تقدير تماثلهما ، [ وهو ] [23] منتف بصريح العقل ، كما هو منتف بنصوص الشرع ، مع اتفاقهما في أمور أخرى ، كما أن كلا منهما موجود ثابت له حقيقة وذات هي نفسه ، والجسم قائم بنفسه ، وهو قائم بنفسه .

                  فعلم بهذه البراهين البينة اتفاقهما من وجه واختلافهما من وجه ، فمن نفى ما اتفقا فيه كان معطلا قائلا للباطل ، ومن جعلهما متماثلين كان مشبها قائلا للباطل ، والله أعلم ] * ) [24] .

                  وذلك ; لأنهما وإن اتفقا في مسمى ما اتفقا فيه [25] ، فالله تعالى مختص بوجوده وعلمه وقدرته [ وسائر صفاته ] [26] ، والعبد لا يشركه في شيء من ذلك ، والعبد [ أيضا ] [27] مختص بوجوده وعلمه وقدرته ، والله تعالى [28] منزه [ ص: 118 ] عن مشاركة العبد في خصائصه ، وإذا اتفقا في مسمى الوجود والعلم والقدرة ، فهذا المشترك مطلق كلي يوجد في الأذهان لا في الأعيان ، والموجود [29] في الأعيان مختص لا اشتراك فيه .

                  وهذا موضع اضطرب فيه كثير من النظار ; حيث توهموا أن [ الاتفاق في ] [30] مسمى هذه الأشياء يوجب أن يكون الوجود الذي للرب هو الوجود الذي للعبد .

                  وطائفة ظنت أن لفظ " الوجود " يقال بالاشتراك اللفظي ، وكابروا عقولهم ، فإن هذه الأسماء عامة قابلة للتقسيم ، كما يقال : الموجود ينقسم إلى واجب وممكن وقديم وحادث . ومورد التقسيم [ مشترك ] [31] بين الأقسام ، واللفظ المشترك كلفظ " المشترى " الواقع على المبتاع والكوكب لا ينقسم معناه ، ولكن يقال لفظ " المشترى " يقال على كذا وعلي كذا .

                  وطائفة ظنت أنها إذا سمت هذا اللفظ ونحوه مشككا لكون الوجود بالواجب أولى منه بالممكن ، خلصت من هذه الشبهة ، وليس كذلك . فإن تفاضل المعنى المشترك الكلي لا يمنع [32] أن يكون أصل المعنى مشتركا بين اثنين ، كما أن معنى " السواد " مشترك بين هذا السواد وهذا السواد ، وبعضه أشد من بعض .

                  [ ص: 119 ] وطائفة ظنت أن من قال : الوجود متواطئ عام ، فإنه يقول : وجود الخالق زائد على حقيقته ، ومن قال : حقيقته هي وجوده ، قال : إنه مشترك اشتراكا لفظيا ، وأمثال هذه المقالات التي قد بسط الكلام عليها في غير هذا الموضع .

                  وأصل خطأ هؤلاء توهمهم أن هذه الأسماء العامة الكلية يكون مسماها المطلق الكلي هو بعينه ثابتا في هذا المعين [ وهذا المعين ] [33] ، وليس كذلك فإن ما يوجد في الخارج لا يوجد مطلقا كليا ، لا يوجد إلا معينا مختصا . ( * وهذه الأسماء إذا سمي بها كان مسماها مختصا به ، ( 2 وإذا سمي بها العبد كان مسماها مختصا به 2 ) [34] * ) [35] فوجود الله وحياته لا يشركه فيها [36] غيره ، بل وجود هذا الموجود المعين لا يشركه فيه غيره ، فكيف بوجود الخالق ؟ .

                  وإذا قيل : قد اشتركا في مسمى الوجود [37] ، فلا بد أن يتميز أحدهما عن الآخر بما يخصه ، وهو الماهية والحقيقة التي تخصه .

                  قيل : اشتراكا في الوجود المطلق الذهني ، لا اشتراكا في مسمى الحقيقة [38] والماهية والذات والنفس . وكما أن حقيقة هذا تخصه ، [ ص: 120 ] فكذلك وجوده يخصه ، والغلط نشأ من جهة [ أخذ ] [39] الوجود مطلقا ، وأخذ الحقيقة مختصة ، وكل منهما يمكن أخذه مطلقا ومختصا ، فالمطلق مساو للمطلق ، والمختص مساو للمختص ، فالوجود المطلق مطابق للحقيقة المطلقة ، ووجوده [40] المختص مطابق لحقيقته المختصة ، والمسمى بهذا وهذا واحد ، وإن تعددت جهة التسمية ، كما يقال : هذا هو ذاك فالمشار إليه واحد ، لكن بوجهين مختلفين .

                  [ وأيضا فإذا اشتركا في مسمى الوجود الكلي ، فإن أحدهما يمتاز عن الآخر بوجوده الذي يخصه ، كما أن الحيوانين والإنسانين إذا اشتركا في مسمى الحيوانية والإنسانية ، فإنه يمتاز أحدهما عن الآخر بحيوانية تخصه وإنسانية تخصه ، فلو قدر أن الوجود الكلي ثابت في الخارج ، لكان التمييز يحصل بوجود خاص ، لا يحتاج أن يقال : هو مركب من وجود وماهية ، فكيف والأمر بخلاف ذلك ؟ .

                  ومن قال : إنه وجود مطلق بشرط سلب كل أمر ثبوتي ، فقوله أفسد من هذه الأقوال ] [41] وهذه المعاني مبسوطة في غير هذا الموضع .

                  والمقصود أن إثبات الأسماء والصفات لله ، لا يستلزم أن يكون سبحانه مشبها مماثلا لخلقه .

                  التالي السابق


                  الخدمات العلمية