الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                  معلومات الكتاب

                  منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية

                  ابن تيمية - أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني

                  صفحة جزء
                  قال الأشعري [1] : " واختلف الروافض في القول بأن الله [2] عالم حي [3] قادر سميع بصير إله . وهم تسع [4] فرق : فالفرقة الأولى منهم : " الزرارية " أصحاب زرارة بن أعين الرافضي يزعمون أن الله لم يزل غير سميع ولا عليم ولا بصير حتى خلق ذلك لنفسه ، وهم يسمون التيمية [5] ، ورئيسهم زرارة بن أعين .

                  [ ص: 236 ] والفرقة الثانية منهم : " السيابية " أصحاب عبد الرحمن بن سيابة [6] يقفون في هذه المعاني ، ويزعمون أن القول فيها ما يقول جعفر كائنا قوله [ ما كان ] [7] ، ولا يعرفون [8] في هذه الأشياء [9] قولا .

                  والفرقة الثالثة منهم : يزعمون أن الله تعالى لا يوصف بأنه لم يزل [10] إلها قادرا ولا [11] سميعا بصيرا حتى يحدث الأشياء ; لأن [12] الأشياء التي كانت قبل أن تكون ليست بشيء ، ولن [13] يجوز أن يوصف بالقدرة لا [14] على شيء وبالعلم [ لا بشيء ] [15] . وكل الروافض [16] - إلا شرذمة قليلة - يزعمون أن الله يريد الشيء [17] ثم يبدو له فيه " .

                  [ ص: 237 ] قال [18] : " والفرقة الرابعة من الروافض [19] : يزعمون أن الله لم يزل لا حيا ثم صار حيا .

                  والفرقة الخامسة من الروافض : وهم أصحاب " شيطان الطاق " [20] يزعمون أن الله عالم في نفسه ليس بجاهل ، ولكنه [21] إنما يعلم الأشياء إذا قدرها وأرادها ، فأما قبل أن يقدرها ويريدها [22] فمحال أن يعلمها ، لا لأنه ليس بعالم ، ولكن الشيء لا يكون شيئا حتى يقدره ويشيئه [23] بالتقدير ، والتقدير عندهم الإرادة " .

                  [ ص: 238 ] قال [24] : " و [ الفرقة ] السادسة [25] من الرافضة [26] : أصحاب هشام بن الحكم يزعمون أنه محال أن يكون الله لم يزل عالما بالأشياء بنفسه ، وأنه إنما يعلم الأشياء بعد أن لم يكن بها عالما ، وأنه يعلمها [ بعلم ] [27] ، وأن العلم صفة له ، ليست هي هو [28] ، ولا هي غيره [29] ولا بعضه فلا يجوز [30] أن يقال : العلم [31] محدث أو قديم لأن العلم صفة [32] ، والصفة لا توصف . قال : ولو كان لم يزل عالما لكانت المعلومات لم تزل ; لأنه لا يصح عالم إلا بمعلوم موجود . قال : ولو كان عالما بما يفعله عباده لم تصح المحنة والاختبار [33] " .

                  قال [34] : " وقال هشام في سائر صفات الله [35] كقدرته وحياته وسمعه وبصره وإرادته ، إنها صفات الله [36] ، لا هي الله ، ولا غير الله . وقد [ ص: 239 ] اختلف عنه في القدرة والحياة : فمنهم [37] من يحكي عنه أنه كان يقول [38] : إن البارئ لم يزل قادرا حيا ، ومنهم من ينكر أن يكون قال ذلك " .

                  قال [39] : " والفرقة السابعة من الرافضة : لا يزعمون أن البارئ عالم في نفسه كما قال [40] شيطان الطاق ، ولكنهم [41] يزعمون أن الله لا يعلم الشيء حتى يؤثر أثره ، والتأثير عندهم الإرادة ، فإذا أراد الشيء علمه ، وإذا لم يرده لم يعلمه . ومعنى أراد عندهم أنه تحرك حركة [42] هي إرادة ، فإذا تحرك علم الشيء ، وإلا لم يجز الوصف له بأنه عالم به [43] " .

                  قال : " والفرقة الثامنة من الرافضة : يزعمون [44] أن معنى أن الله يعلم أنه يفعل ، فإن قيل لهم : أتقولون [45] : [ إن ] [46] الله سبحانه لم يزل عالما [ ص: 240 ] بنفسه ؟ اختلفوا . فمنهم من يقول : لم يزل لا يعلم بنفسه [47] حتى فعل العلم ؛ لأنه قد كان ولما يفعل ، ومنهم من يقول : لم يزل يعلم بنفسه [48] . فإن قيل لهم : [ فلم ] [49] يزل يفعل ؟ قالوا : نعم ، ولا نقول بقدم [50] الفعل " .

                  قال : " ومن الرافضة من يزعم أن الله يعلم ما يكون قبل أن يكون ، إلا أعمال العباد فإنه لا يعلمها إلا في [51] حال كونها " .

                  قال : " والفرقة التاسعة من الرافضة : يزعمون أن الله تعالى [ لم يزل ] [52] عالما حيا [53] قادرا ، ويميلون إلى نفي التشبيه ، ولا يقرون [54] بحدوث العلم [55] ، ولا بما حكيناه من التجسيم وسائر ما أخبرنا به من التشبيه [ عنهم ] [56] " .

                  التالي السابق


                  الخدمات العلمية