فلفظ " الغير " مجمل ، يراد بالغير المباين ، فالغيران [1] ما جاز مفارقة أحدهما الآخر بزمان أو مكان أو وجود ، وهذا اصطلاح الأشعرية ومن وافقهم من الفقهاء أتباع الأئمة الأربعة ، ويراد بالغيرين [2] ما ليس أحدهما الآخر أو ما جاز [3] العلم بأحدهما مع الجهل بالآخر ، وهذا اصطلاح طوائف من المعتزلة والكرامية وغيرهم .
وأما السلف كالإمام وغيره فلفظ " الغير " عندهم يراد به هذا ويراد به هذا ، ولهذا لم يطلقوا القول بأنه علم الله غيره ، ولا أطلقوا القول بأنه [ ص: 543 ] ليس غيره ، ولا يقولون ( لا ) هو هو ولا هو غيره ، أحمد [4] بل يمتنعون عن إطلاق اللفظ [5] المجمل نفيا وإثباتا لما فيه من التلبيس ، فإن الجهمية يقولون : ما سوى الله مخلوق وكلامه غيره فيكون مخلوقا ، فقال أئمة السنة : إذا أريد بالغير والسوى ما هو مباين له ، فلا يدخل علمه وكلامه في لفظ الغير والسوى ، كما لم يدخل في قول النبي - صلى الله عليه وسلم - : " " . وقد ثبت في السنة جواز من حلف بغير الله فقد أشرك ، الحلف بصفاته كعزته وعظمته [6] فعلم أنها لا تدخل في مسمى الغير عند الإطلاق ، وإذا أريد بالغير أنه ليس هو إياه فلا ريب أن العلم ليس هو العالم . والكلام ليس هو المتكلم .