الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                  معلومات الكتاب

                  منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية

                  ابن تيمية - أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني

                  صفحة جزء
                  [ الوجه ] [1] الخامس : أن يقال المعصية من العبد كما أن الطاعة من العبد ، ومعلوم أنه إذا كانت الطاعة منه بمعنى أنه فعلها بقدرته ومشيئته ، لم يمتنع أن يكون الله هو الذي جعله فاعلا لها بقدرته ومشيئته ، بل هذا هو الذي يدل عليه الشرع والعقل .

                  كما قال الخليل : ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك [ سورة البقرة : 128 ] ، وقال : رب اجعلني مقيم الصلاة ومن ذريتي [ سورة إبراهيم : 40 ] ، وقال تعالى : وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا [ سورة السجدة : 24 ] .

                  ولأن كونه فاعلا بعد أن لم يكن أمر حادث فلا بد له من محدث ، والعبد يمتنع أن يكون هو الفاعل لكونه فاعلا ; لأن كونه فاعلا [2] إن كان حدث بنفس كونه فاعلا ، لزم أن يكون الشيء حدث [3] بنفسه من غير إحداث ، وهو ممتنع .

                  [ ص: 154 ] وإن كان بفاعلية أخرى ، فإن كانت هذه حدثت بالأولى [4] لزم الدور القبلي ، وإن كانت حدثت [5] بغيرها لزم التسلسل في الأمور المتناهية ، وكلاهما باطل ; فعلم أن كون الطاعة والمعصية من العبد يستحق عليها المدح والذم والثواب والعقاب ، لا يمنع أن يكون العبد فقيرا إلى الله في كل شيء ، لا يستغني عن الله في شيء قط [6] ، وأن يكون الله خالق جميع أموره ، وأن يكون نفس فعله من الحوادث والممكنات المستندة إلى قدرة الله ومشيئته .

                  التالي السابق


                  الخدمات العلمية