الثاني : أنهم يستدلون على أن الأمر لا يستلزم الإرادة بما تقدم [1] من أن الله خالق أفعال العباد ، وإنما يخلقها بإرادته ، وهو لم يأمر بالكفر [2] والفسوق والعصيان ، فعلم بأنه قد [3] يخلق بإرادته ما لم يأمر به .
وأيضا فقد ثبت بالكتاب والسنة [4] وإجماع العلماء أنه [5] حقه في غد [6] إن شاء الله تعالى ، فخرج الغد ولم يقضه ، مع [ ص: 156 ] قدرته على القضاء من غير عذر ، وطالبه المستحق له لو حلف ليقضينه [7] ، لم يحنث ، ولو كانت المشيئة بمعنى الأمر لحنث [8] لأنه مأمور بذلك ، وكذلك سائر [9] الحلف على فعل مأمور إذا علقه بالمشيئة .
وأيضا فإنه قد قال تعالى : ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعا [ سورة يونس : 99 ] مع أنه قد أمرهم بالإيمان ، فعلم أنه قد أمرهم بالإيمان ولم يشأه ، وكذلك قوله : ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا حرجا [ سورة الأنعام : 125 ] دليل على أنه أراد ضلاله [10] وهو لم يأمره [11] بالضلال .