[ ص: 206 ] الوجه الثاني : أن يقال : ، والله قد أخبر أنه : الرضا يشرع بما يرضى الله به لا يحب الفساد [ سورة البقرة : 205 ] ، ولا يرضى لعباده الكفر [ سورة النساء : ] ، وقد قال تعالى : إذ يبيتون ما لا يرضى من القول [ سورة النساء : 108 ] ، وهذا أمر موجود من أقوال العباد ، وقد أخبر الله أنه لا يرضاه ، فإذا لم يرضه كيف يأمر العبد بأن [1] يرضاه ؟ بل الواجب أن العبد يسخط ما يسخطه الله [2] ، ويبغض ما يبغضه [3] الله ، ويرضى بما يرضاه الله .
قال الله تعالى : ذلك بأنهم اتبعوا ما أسخط الله وكرهوا رضوانه فأحبط أعمالهم [ سورة محمد : 28 ] فذم [4] من اتبع مساخطه [5] وكره مراضيه ، ولم يذم من كره مساخطه واتبع مراضيه .
فإذا قال : فكيف [6] يكون الله ساخطا مبغضا [7] لما قدره وقضاه ؟ قيل : نعم كما تقدم [8] . أما على طريقة الأكثرين [ فلأن المقضي شيء كونه [9] ، وعندهم البغض مغاير للإرادة . وأما على طريقة الأقلين ] [10] فإنهم يقولون : [ ص: 207 ] سخطه له وبغضه [11] هو إرادته عقوبة [12] فاعله ، فقد أراد أن يكون سببا لعقوبة فاعله . وأما نحن فمأمورون بأن نكره ما ينهى عنه [13] . لكن الجواب على هذا [ القول ] [14] يعود إلى [15] الجواب الأول ، فإن نفس ما أراده الله وأحبه ورضيه عند هؤلاء ، قد أمر العبد بأن يكرهه ويبغضه ويسخطه [16] ، فهؤلاء يقولون : ليس كل مقدور مقضي مأمورا يرضى به [17] .