الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                  معلومات الكتاب

                  منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية

                  ابن تيمية - أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني

                  صفحة جزء
                  [ ص: 206 ] الوجه الثاني : أن يقال : الرضا يشرع بما يرضى الله به  ، والله قد أخبر أنه : لا يحب الفساد [ سورة البقرة : 205 ] ، ولا يرضى لعباده الكفر [ سورة النساء : ] ، وقد قال تعالى : إذ يبيتون ما لا يرضى من القول [ سورة النساء : 108 ] ، وهذا أمر موجود من أقوال العباد ، وقد أخبر الله أنه لا يرضاه ، فإذا لم يرضه كيف يأمر العبد بأن [1] يرضاه ؟ بل الواجب أن العبد يسخط ما يسخطه الله [2] ، ويبغض ما يبغضه [3] الله ، ويرضى بما يرضاه الله .

                  قال الله تعالى : ذلك بأنهم اتبعوا ما أسخط الله وكرهوا رضوانه فأحبط أعمالهم [ سورة محمد : 28 ] فذم [4] من اتبع مساخطه [5] وكره مراضيه ، ولم يذم من كره مساخطه واتبع مراضيه .

                  فإذا قال : فكيف [6] يكون الله ساخطا مبغضا [7] لما قدره وقضاه ؟ قيل : نعم كما تقدم [8] . أما على طريقة الأكثرين [ فلأن المقضي شيء كونه [9] ، وعندهم البغض مغاير للإرادة . وأما على طريقة الأقلين ] [10] فإنهم يقولون : [ ص: 207 ] سخطه له وبغضه [11] هو إرادته عقوبة [12] فاعله ، فقد أراد أن يكون سببا لعقوبة فاعله . وأما نحن فمأمورون بأن نكره ما ينهى عنه [13] . لكن الجواب على هذا [ القول ] [14] يعود إلى [15] الجواب الأول ، فإن نفس ما أراده الله وأحبه ورضيه عند هؤلاء ، قد أمر العبد بأن يكرهه ويبغضه ويسخطه [16] ، فهؤلاء يقولون : ليس كل مقدور مقضي مأمورا يرضى به [17] .

                  التالي السابق


                  الخدمات العلمية