الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                  معلومات الكتاب

                  منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية

                  ابن تيمية - أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني

                  صفحة جزء
                  ( فصل )

                  قال [ الرافضي ] : [1] " ومنها أنه يلزم [2] أن نستعيذ [3] بإبليس من الله تعالى ، ولا يحسن قوله تعالى : فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم [ سورة النحل : 98 ] لأنهم نزهوا إبليس ( * والكافر من [4] المعاصي  ، وأضافوها إلى الله تعالى . فيكون الله تعالى على المكلفين شرا من إبليس * ) [5] عليهم ، تعالى الله عن ذلك " .

                  فيقال : هذا كلام ساقط [6] ، وذلك من وجوه :

                  [ ص: 211 ] أحدها : إما أن يكون لإبليس فعل ، وإما أن لا يكون له [7] فعل . فإن لم يكن له فعل امتنع أن يستعاذ به ، فإنه حينئذ لا يعيذ أحدا ولا يفعل شيئا . وإن كان له فعل بطل تنزيهه عن المعاصي ، فعلم أن هذا الاعتراض ساقط على قول مثبتة القدر ونفاته ، وهو إيراد من غفل عن القولين ، وكذلك [8] بتقدير أن لا يكون لإبليس فعل ، فلا يكون منه [9] شر حتى يقال : إن غيره شر منه ، فضلا عن أن [10] يقال : إن الله [ تعالى ] [11] شر من إبليس [12] .

                  فدعوى هذا أن هؤلاء يلزمهم أن يكون [13] الله شرا عليهم من إبليس - دعوى باطلة ، إذ غاية ما يقوله القائل هو الجبر المحض [14] ، كما يحكى عن الجهم وشيعته ، وغاية ذلك أن لا يكون [15] لإبليس ولا غيره قدرة ولا مشيئة ولا فعل ، بل تكون حركته كحركة الهواء [16] ، وعلى هذا التقدير فلا يكون منه لا خير ولا شر ، والله تعالى هو الخالق لهذا كله ، فكيف يقال على هذا التقدير [17] إن بعض مخلوقاته شر منه .

                  التالي السابق


                  الخدمات العلمية