الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                  معلومات الكتاب

                  منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية

                  ابن تيمية - أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني

                  صفحة جزء
                  السابع : أن يقال : هذه الآية لم يقصد بها بيان من يورث [ ومن لا يورث ] [1] ، ولا بيان صفة الموروث والوارث ، وإنما قصد بها أن المال الموروث يقسم بين الوارثين على هذا التفصيل . فالمقصود هنا بيان مقدار أنصباء هؤلاء المذكورين إذا كانوا ورثة . ولهذا لو كان الميت مسلما وهؤلاء كفارا لم يرثوا باتفاق المسلمين ، وكذلك لو كان كافرا وهؤلاء مسلمين لم يرثوا بالسنة وقول جماهير المسلمين [2] ، وكذلك لو كان عبدا وهم أحرار ، أو كان حرا وهم عبيد . وكذلك القاتل عمدا عند عامة المسلمين ، وكذلك القاتل خطأ من الدية . وفي غيرها نزاع .

                  [ ص: 217 ] وإذا علم أن في الموتى من يرثه أولاده ، وفيهم من لا يرثه أولاده ، والآية لم تفصل [3] : من يرثه ورثته ومن لا يرثه ، ولا صفة الوارث والموروث ، علم أنه لم يقصد بها بيان ذلك ، بل قصد بها بيان حقوق هؤلاء إذا كانوا ورثة .

                  وحينئذ [4] فالآية إذا لم تبين من يورث ومن يرثه ، لم يكن فيها دلالة على كون [ غير ] [5] النبي - صلى الله عليه وسلم - يرث أو لا يورث [6] ، فلأن لا يكون فيها دلالة على كونه هو يورث بطرق الأولى والأحرى .

                  وهكذا كما في قوله - صلى الله عليه وسلم - : " فيما سقت السماء العشر ، وفيما سقي [7] بالدوالي والنواضح فنصف [8] العشر [9] . " فإن قصد به الفرق بين ما يجب فيه العشر وبين ما يجب فيه نصف العشر ، ولم يقصد به بيان ما يجب فيه أحدهما وما لا يجب واحد منهما ، فلهذا لا يحتج بعمومه على وجوب الصدقة في الخضراوات .

                  [ ص: 218 ] وقوله تعالى : ( وأحل الله البيع وحرم الربا ) [ سورة البقرة : 275 ] قصد فيه الفرق بين البيع والربا : في أن أحدهما حلال والآخر حرام ، ولم يقصد فيه بيان ما يجوز بيعه وما لا يجوز ، فلا يحتج بعمومه على جواز بيع كل شيء . ومن ظن أن قوله ( وأحل الله البيع ) يعم بيع الميتة والخنزير والخمر والكلب وأم الولد والوقف وملك الغير والثمار قبل بدو صلاحها ونحو ذلك - كان غالطا .

                  التالي السابق


                  الخدمات العلمية