الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                  معلومات الكتاب

                  منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية

                  ابن تيمية - أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني

                  صفحة جزء
                  الوجه [1] الثامن : أن يقال : هب أن لفظ الآية عام ، فإنه خص منها الولد الكافر والعبد والقاتل بأدلة هي أضعف من الدليل الذي دل على خروج النبي - صلى الله عليه وسلم - منها ؛ فإن الصحابة الذين نقلوا عنه أنه لا يورث أكثر وأجل من الذين نقلوا عنه [2] أن المسلم لا يرث الكافر ، وأنه ليس لقاتل ميراث ، وأن من باع عبدا وله مال فماله للبائع إلا أن يشترطه [3] المبتاع .

                  وفي الجملة فإذا كانت الآية مخصوصة بنص أو إجماع ، كان تخصيصها بنص آخر جائزا باتفاق علماء المسلمين . بل قد [4] ذهب طائفة إلى أن العام المخصوص يبقى مجملا . وقد تنازع العلماء في تخصيص [5] عموم القرآن [ ص: 219 ] إذا لم يكن مخصوصا [ بخبر الواحد ] [6] ، فأما العام المخصوص فيجوز تخصيصه بخبر الواحد عن عوامهم ، لا سيما الخبر المتلقى بالقبول ؛ فإنهم متفقون على تخصيص عموم القرآن به .

                  وهذا الخبر تلقته الصحابة بالقبول ، وأجمعوا على العمل به ، كما سنذكره [ إن شاء الله تعالى ] [7] .

                  والتخصيص بالنص المستفيض والإجماع متفق عليه . ومن سلك هذا المسلك يقول : ظاهر الآية العموم [8] ، لكنه عموم مخصوص . ومن سلك المسلك الأول لم يسلم ظهور العموم إلا فيمن علم أن هؤلاء يرثونه ، ولا يقال [9] : إن ظاهرها متروك ، بل نقول [10] : لم يقصد بها إلا بيان [11] نصيب الوارث ، لا بيان الحال التي يثبت فيها الإرث [12] ، فالآية عامة في الأولاد والموتى ، مطلقة في [ الموروثين . وأما ] [13] شروط الإرث فلم تتعرض له الآية ، بل هي مطلقة فيه [14] : لا تدل عليه بنفي ولا إثبات .

                  كما في قوله [15] تعالى : ( فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم ) [ سورة التوبة : 5 ] [ ص: 220 ] عام في الأشخاص ، مطلق في المكان والأحوال . فالخطاب المقيد لهذا المطلق يكون خطابا مبتدأ مبينا لحكم شرعي لم يتقدم ما ينافيه [16] ، لا يكون [17] رافعا لظاهر خطاب شرعي ، فلا يكون مخالفا للأصل .

                  التالي السابق


                  الخدمات العلمية