الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                  معلومات الكتاب

                  منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية

                  ابن تيمية - أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني

                  صفحة جزء
                  ( فصل ) .

                  وصار الشيطان بسبب قتل الحسين - رضي الله عنه - يحدث للناس بدعتين : بدعة الحزن والنوح يوم عاشوراء ، من اللطم والصراخ والبكاء والعطش وإنشاد المراثي ، وما يفضي إليه ذلك من سب السلف ولعنتهم

                  [1] ، وإدخال من لا ذنب له مع ذوي الذنوب ، حتى يسب السابقون الأولون ، وتقرأ أخبار مصرعه التي كثير منها كذب . وكان قصد من سن ذلك فتح باب الفتنة والفرقة بين الأمة ; فإن هذا ليس واجبا ولا مستحبا باتفاق المسلمين ، بل إحداث الجزع والنياحة للمصائب القديمة من أعظم ما حرمه الله ورسوله . وكذلك بدعة السرور والفرح .

                  وكانت الكوفة بها قوم من الشيعة المنتصرين للحسين ، وكان رأسهم [2]

                  المختار بن أبي عبيد [3]

                  الكذاب ، وقوم من الناصبة المبغضين لعلي - رضي الله عنه - وأولاده ، ومنهم الحجاج بن يوسف الثقفي . وقد ثبت في الصحيح عن [ ص: 555 ] النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : " سيكون في ثقيف كذاب ومبير " [4]

                  فكان ذلك الشيعي هو الكذاب ، وهذا الناصبي هو المبير ، فأحدث أولئك الحزن ، وأحدث هؤلاء السرور ، ورووا أنه من وسع على أهله يوم عاشوراء وسع الله عليه سائر سنته .

                  قال حرب الكرماني : سألت أحمد بن حنبل عن هذا الحديث ، فقال لا أصل له ، وليس له إسناد يثبت

                  [5] ، إلا ما رواه سفيان بن عيينة ، عن إبراهيم بن محمد بن المنتشر ، عن أبيه ، أنه قال : بلغنا أنه من وسع على أهله يوم عاشوراء

                  [6] الحديث .

                  وابن المنتشر كوفي سمعه ورواه عمن لا يعرف ، ورووا أنه من اكتحل يوم عاشوراء لم يرمد ذلك العام ، ومن اغتسل يوم عاشوراء لم يمرض ذلك العام ، فصار أقوام

                  [7] يستحبون يوم عاشوراء الاكتحال والاغتسال والتوسعة على العيال وإحداث

                  [8] أطعمة غير معتادة .

                  وهذه بدعة أصلها من المتعصبين بالباطل على الحسين - رضي الله عنه - وتلك بدعة أصلها من المتعصبين بالباطل [9] له ، وكل بدعة ضلالة ولم يستحب أحد من أئمة المسلمين الأربعة

                  [10] وغيرهم لا هذا ولا هذا ، ولا في [ ص: 556 ] شيء من استحباب ذلك حجة شرعية ، بل المستحب يوم عاشوراء الصيام عند جمهور العلماء ، ويستحب أن يصام معه التاسع ، ومنهم من يكره إفراده بالصيام ، كما قد بسط في موضعه .

                  التالي السابق


                  الخدمات العلمية