( فصل ) .
وصار الشيطان بسبب قتل - رضي الله عنه - يحدث للناس بدعتين : الحسين ، من اللطم والصراخ والبكاء والعطش وإنشاد المراثي ، وما يفضي إليه ذلك من سب السلف ولعنتهم بدعة الحزن والنوح يوم عاشوراء
[1] ، وإدخال من لا ذنب له مع ذوي الذنوب ، حتى يسب السابقون الأولون ، وتقرأ أخبار مصرعه التي كثير منها كذب . وكان قصد من سن ذلك فتح باب الفتنة والفرقة بين الأمة ; فإن هذا ليس واجبا ولا مستحبا باتفاق المسلمين ، بل . وكذلك بدعة السرور والفرح . إحداث الجزع والنياحة للمصائب القديمة من أعظم ما حرمه الله ورسوله
وكانت الكوفة بها قوم من الشيعة المنتصرين ، وكان رأسهم للحسين [2]
المختار بن أبي عبيد [3]
الكذاب ، وقوم من الناصبة المبغضين - رضي الله عنه - وأولاده ، ومنهم لعلي . وقد ثبت في الصحيح عن [ ص: 555 ] النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : " الحجاج بن يوسف الثقفي ثقيف كذاب ومبير " سيكون في [4]
فكان ذلك الشيعي هو الكذاب ، وهذا الناصبي هو المبير ، فأحدث أولئك الحزن ، وأحدث هؤلاء السرور ، ورووا أنه . من وسع على أهله يوم عاشوراء وسع الله عليه سائر سنته
قال : سألت حرب الكرماني عن هذا الحديث ، فقال لا أصل له ، وليس له إسناد يثبت أحمد بن حنبل
[5] ، إلا ما رواه ، عن سفيان بن عيينة إبراهيم بن محمد بن المنتشر ، عن أبيه ، أنه قال : بلغنا أنه من وسع على أهله يوم عاشوراء
[6] الحديث .
وابن المنتشر كوفي سمعه ورواه عمن لا يعرف ، ورووا أنه من اكتحل يوم عاشوراء لم يرمد ذلك العام ، ومن اغتسل يوم عاشوراء لم يمرض ذلك العام ، فصار أقوام
[7] يستحبون يوم عاشوراء الاكتحال والاغتسال والتوسعة على العيال وإحداث
[8] أطعمة غير معتادة .
وهذه بدعة أصلها من المتعصبين بالباطل على - رضي الله عنه - وتلك بدعة أصلها من المتعصبين بالباطل الحسين [9] له ، وكل بدعة ضلالة ولم يستحب أحد من أئمة المسلمين الأربعة
[10] وغيرهم لا هذا ولا هذا ، ولا في [ ص: 556 ] شيء من استحباب ذلك حجة شرعية ، بل عند جمهور العلماء ، ويستحب أن يصام معه التاسع ، ومنهم من يكره المستحب يوم عاشوراء الصيام ، كما قد بسط في موضعه . إفراده بالصيام