وكذلك جاءت السنة في سائر الأعمال كالصلاة وغيرها ، أنه يثاب على ما فعله
[1] منها ويعاقب على الباقي ، حتى إنه
[2] إن كان له تطوع جبر ما ترك بالتطوع ، ولو كان ما فعل باطلا وجوده كعدمه لا يثاب عليه لم يجبر بالنوافل شيء . وعلى ذلك دل حديث المسيء الذي في السنن
[3] : أنه إذا نقص منها شيئا أثيب على ما فعله .
فإن قلت : فالفقهاء يطلقون أنه قد بطلت صلاته وصومه وحجه إذا ترك منه ركنا .
قيل : لأن الباطل في عرفهم ضد الصحيح ، والصحيح في عرفهم ما
[ ص: 207 ] حصل به مقصوده وترتب عليه حكمه ، وهو براءة الذمة . ولهذا يقولون :
nindex.php?page=treesubj&link=20673الصحيح ما أسقط القضاء . فصار قولهم : بطلت ، بمعنى : وجب القضاء ، لا بمعنى : أنه لا يثاب عليها بشيء في الآخرة .
وهكذا جاء النفي في كلام الله ورسوله ، كقوله - صلى الله عليه وسلم : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=652295لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن "
[4] ، وقوله : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=693990لا إيمان لمن لا أمانة له ، ولا دين لمن لا عهد له "
[5] .
وقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=2إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم [ سورة الأنفال : 2 ] ، وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=49&ayano=15إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله أولئك هم الصادقون [ سورة الحجرات : 15 ] ; فإن نفي الإيمان عمن ترك واجبا منه أو فعل محرما
[ ص: 208 ] فيه كنفي غيره ، كقوله : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=63822لا صلاة إلا بأم القرآن "
[6] . وقوله للمسيء : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=650715ارجع فصل فإنك لم تصل "
[7] . وقوله للمنفرد خلف الصف لما أمره بالإعادة : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=843971لا صلاة لفذ خلف الصف "
[8] وقوله : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=932103من سمع النداء ثم لم يجب من غير عذر فلا صلاة له "
[9] .
ومن قال من الفقهاء : إن هذا لنفي الكمال .
قيل له : إن أردت الكمال المستحب ; فهذا باطل لوجهين : أحدهما : أن هذا لا يوجد قط في لفظ الشارع : أنه ينفي عملا فعله العبد على الوجه الذي وجب عليه ، ثم ينفيه لترك بعض المستحبات . بل الشارع لا ينفي عملا إلا إذا لم يفعله العبد كما وجب عليه .
[ ص: 209 ] الثاني : أنه لو نفي بترك مستحب ، لكان عامة الناس لا صلاة لهم ولا صيام . فإن الكمال المستحب متفاوت ، ولا أحد يصلي كصلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أفكل من لم يكملها كتكميل الرسول يقال : لا صلاة له .
فإن قيل : فهؤلاء الذين يتركون فرضا من الصلاة أو غيرها يؤمرون بإعادة الصلاة ، والإيمان إذا ترك بعض فرائضه لا يؤمر بإعادته ؟ .
قيل : ليس الأمر بالإعادة مطلقا ، بل يؤمر بالممكن ; فإن أمكن الإعادة أعاد ، وإن لم يمكن أمر أن يفعل حسنات غير ذلك ، كما لو ترك الجمعة ; فإنه وإن أمر بالظهر فلا تسد مسد الجمعة ، بل الإثم الحاصل بترك الجمعة يزول جميعه بالظهر .
وكذلك
nindex.php?page=treesubj&link=27745من ترك واجبات الحج عمدا ; فإنه يؤمر بها ما دام يمكن فعلها في الوقت ، فإذا فات الوقت أمر بالدم الجابر ، ولم يكن ذلك مسقطا عنه إثم التفويت ( * مطلقا ، بل هذا الذي يمكنه من البدل ، وعليه أن يتوب توبة تغسل إثم التفويت * )
[10] ، كمن فعل محرما فعليه أن يتوب منه توبة تغسل إثمه ، ومن ذلك أن يأتي بحسنات تمحوه . وكذلك من فوت واجبا لا
[11] يمكنه استدراكه ، وأما إذا أمكنه استدراكه فعله بنفسه .
وهكذا نقول
[12] فيمن ترك بعض واجبات الإيمان ، بل كل مأمور تركه فقد ترك جزءا من إيمانه ، فيستدركه بحسب الإمكان ، فإن فات وقته تاب وفعل حسنات أخر غيره .
[ ص: 210 ] ولهذا كان الذي اتفق عليه العلماء أنه يمكن
nindex.php?page=treesubj&link=1647إعادة الصلاة في الوقت الخاص والمشترك [13] ، كما يصلي الظهر بعد دخول العصر ، ويؤخر
[14] العصر إلى الاصفرار ; فهذا تصح صلاته وعليه إثم التأخير ، وهو من المذمومين في قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=107&ayano=4فويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون [ سورة الماعون : 4 - 5 ] وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=59فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات [ سورة مريم : 59 ] ، فإن تأخيرها
[15] عن الوقت الذي يجب فعلها فيه هو إضاعة لها وسهو عنها بلا نزاع أعلمه بين العلماء
[16] . وقد جاءت الآثار بذلك عن الصحابة والتابعين .
وقد ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال في الأمراء الذين يؤخرون الصلاة عن وقتها : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=20844صلوا الصلاة لوقتها ، واجعلوا صلاتكم معهم نافلة "
[17] . وهم إنما كانوا يؤخرون الظهر إلى وقت العصر ، والعصر
[ ص: 211 ] إلى وقت الاصفرار . وذلك مما هم مذمومون عليه . ولكن ليسوا كمن تركها أو فوتها حتى غابت الشمس ; فإن هؤلاء أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بقتالهم ، ونهى عن قتال أولئك .
nindex.php?page=hadith&LINKID=664561فإنه لما ذكر أنه سيكون أمراء ويفعلون ويفعلون . قالوا : أفلا نقاتلهم ؟ قال : " لا ، ما صلوا "
[18] وقد أخبر عن هذه الصلاة التي يؤخرونها وأمر أن تصلى في الوقت ، وتعاد معهم نافلة ; فدل على صحة صلاتهم ، ولو كانوا لم يصلوا لأمر بقتالهم .
وقد ثبت عنه في الصحيحين أنه قال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=657966nindex.php?page=treesubj&link=873من أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر [19] " مع قوله أيضا في الحديث الصحيح
[20] : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=72402تلك صلاة المنافق ، تلك صلاة المنافق ، يرقب الشمس حتى إذا كانت بين قرني شيطان قام فنقر أربعا لا يذكر الله فيها إلا قليلا "
[21] .
[ ص: 212 ] وثبت عنه في الصحيحين
[22] أنه قال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=914176nindex.php?page=treesubj&link=32774من فاتته صلاة العصر فكأنما وتر أهله وماله "
[23] . وثبت عنه في الصحيحين
[24] أنه قال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=36027من ترك صلاة العصر فقد حبط عمله "
[25] . وقال أيضا : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=658380إن هذه الصلاة عرضت على من كان قبلكم فضيعوها ، فمن حافظ عليها كان له الأجر مرتين "
[26] .
وَكَذَلِكَ جَاءَتِ السُّنَّةُ فِي سَائِرِ الْأَعْمَالِ كَالصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا ، أَنَّهُ يُثَابُ عَلَى مَا فَعَلَهُ
[1] مِنْهَا وَيُعَاقَبُ عَلَى الْبَاقِي ، حَتَّى إِنَّهُ
[2] إِنْ كَانَ لَهُ تَطَوُّعٌ جُبِرَ مَا تَرَكَ بِالتَّطَوُّعِ ، وَلَوْ كَانَ مَا فَعَلَ بَاطِلًا وَجُودُهُ كَعَدَمِهِ لَا يُثَابُ عَلَيْهِ لَمْ يُجْبَرْ بِالنَّوَافِلِ شَيْءٌ . وَعَلَى ذَلِكَ دَلَّ حَدِيثُ الْمُسِيءِ الَّذِي فِي السُّنَنِ
[3] : أَنَّهُ إِذَا نَقَصَ مِنْهَا شَيْئًا أُثِيبَ عَلَى مَا فَعَلَهُ .
فَإِنْ قُلْتَ : فَالْفُقَهَاءُ يُطْلِقُونَ أَنَّهُ قَدْ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَصَوْمُهُ وَحَجُّهُ إِذَا تَرَكَ مِنْهُ رُكْنًا .
قِيلَ : لِأَنَّ الْبَاطِلَ فِي عُرْفِهِمْ ضِدُّ الصَّحِيحِ ، وَالصَّحِيحُ فِي عُرْفِهِمْ مَا
[ ص: 207 ] حَصَلَ بِهِ مَقْصُودُهُ وَتَرَتَّبَ عَلَيْهِ حُكْمُهُ ، وَهُوَ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ . وَلِهَذَا يَقُولُونَ :
nindex.php?page=treesubj&link=20673الصَّحِيحُ مَا أَسْقَطَ الْقَضَاءَ . فَصَارَ قَوْلُهُمْ : بَطَلَتْ ، بِمَعْنَى : وَجَبَ الْقَضَاءُ ، لَا بِمَعْنَى : أَنَّهُ لَا يُثَابُ عَلَيْهَا بِشَيْءٍ فِي الْآخِرَةِ .
وَهَكَذَا جَاءَ النَّفْيُ فِي كَلَامِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ، كَقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=652295لَا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ "
[4] ، وَقَوْلُهُ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=693990لَا إِيمَانَ لِمَنْ لَا أَمَانَةَ لَهُ ، وَلَا دِينَ لِمَنْ لَا عَهْدَ لَهُ "
[5] .
وَقَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=2إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ [ سُورَةُ الْأَنْفَالِ : 2 ] ، وَقَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=49&ayano=15إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ [ سُورَةُ الْحُجُرَاتِ : 15 ] ; فَإِنَّ نَفْيَ الْإِيمَانِ عَمَّنْ تَرَكَ وَاجِبًا مِنْهُ أَوْ فَعَلَ مُحَرَّمًا
[ ص: 208 ] فِيهِ كَنَفْيِ غَيْرِهِ ، كَقَوْلِهِ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=63822لَا صَلَاةَ إِلَّا بِأُمِّ الْقُرْآنِ "
[6] . وَقَوْلُهُ لِلْمُسِيءِ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=650715ارْجِعْ فَصَلِّ فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ "
[7] . وَقَوْلُهُ لِلْمُنْفَرِدِ خَلْفَ الصَّفِّ لَمَّا أَمَرَهُ بِالْإِعَادَةِ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=843971لَا صَلَاةَ لِفَذٍّ خَلْفَ الصَّفِّ "
[8] وَقَوْلُهُ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=932103مَنْ سَمِعَ النِّدَاءَ ثُمَّ لَمْ يُجِبْ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ فَلَا صَلَاةَ لَهُ "
[9] .
وَمَنْ قَالَ مِنَ الْفُقَهَاءِ : إِنَّ هَذَا لِنَفْيِ الْكَمَالِ .
قِيلَ لَهُ : إِنْ أَرَدْتَ الْكَمَالَ الْمُسْتَحَبَّ ; فَهَذَا بَاطِلٌ لِوَجْهَيْنِ : أَحَدُهُمَا : أَنَّ هَذَا لَا يُوجَدُ قَطُّ فِي لَفْظِ الشَّارِعِ : أَنَّهُ يَنْفِي عَمَلًا فَعَلَهُ الْعَبْدُ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي وَجَبَ عَلَيْهِ ، ثُمَّ يَنْفِيهِ لِتَرْكِ بَعْضِ الْمُسْتَحَبَّاتِ . بَلِ الشَّارِعُ لَا يَنْفِي عَمَلًا إِلَّا إِذَا لَمْ يَفْعَلُهُ الْعَبْدُ كَمَا وَجَبَ عَلَيْهِ .
[ ص: 209 ] الثَّانِي : أَنَّهُ لَوْ نُفِيَ بِتَرْكِ مُسْتَحَبٍّ ، لَكَانَ عَامَّةُ النَّاسِ لَا صَلَاةَ لَهُمْ وَلَا صِيَامَ . فَإِنَّ الْكَمَالَ الْمُسْتَحَبَّ مُتَفَاوِتٌ ، وَلَا أَحَدَ يُصَلِّي كَصَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَفَكُلُّ مَنْ لَمْ يُكْمِلْهَا كَتَكْمِيلِ الرَّسُولِ يُقَالُ : لَا صَلَاةَ لَهُ .
فَإِنْ قِيلَ : فَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ يَتْرُكُونَ فَرْضًا مِنَ الصَّلَاةِ أَوْ غَيْرِهَا يُؤْمَرُونَ بِإِعَادَةِ الصَّلَاةِ ، وَالْإِيمَانُ إِذَا تُرِكَ بَعْضُ فَرَائِضِهِ لَا يُؤْمَرُ بِإِعَادَتِهِ ؟ .
قِيلَ : لَيْسَ الْأَمْرُ بِالْإِعَادَةِ مُطْلَقًا ، بَلْ يُؤْمَرُ بِالْمُمْكِنِ ; فَإِنْ أَمْكَنَ الْإِعَادَةُ أَعَادَ ، وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ أُمِرَ أَنْ يَفْعَلَ حَسَنَاتٍ غَيْرَ ذَلِكَ ، كَمَا لَوْ تَرَكَ الْجُمُعَةَ ; فَإِنَّهُ وَإِنْ أُمِرَ بِالظُّهْرِ فَلَا تَسُدُّ مَسَدَّ الْجُمُعَةِ ، بَلِ الْإِثْمُ الْحَاصِلُ بِتَرْكِ الْجُمُعَةِ يَزُولُ جَمِيعُهُ بِالظُّهْرِ .
وَكَذَلِكَ
nindex.php?page=treesubj&link=27745مَنْ تَرَكَ وَاجِبَاتِ الْحَجِّ عَمْدًا ; فَإِنَّهُ يُؤْمَرُ بِهَا مَا دَامَ يُمْكِنُ فِعْلُهَا فِي الْوَقْتِ ، فَإِذَا فَاتَ الْوَقْتُ أُمِرَ بِالدَّمِ الْجَابِرِ ، وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مُسْقِطًا عَنْهُ إِثْمَ التَّفْوِيتِ ( * مُطْلَقًا ، بَلْ هَذَا الَّذِي يُمَكِّنُهُ مِنَ الْبَدَلِ ، وَعَلَيْهِ أَنْ يَتُوبَ تَوْبَةً تَغْسِلُ إِثْمَ التَّفْوِيتِ * )
[10] ، كَمَنْ فَعَلَ مُحَرَّمًا فَعَلَيْهِ أَنْ يَتُوبَ مِنْهُ تَوْبَةً تَغْسِلُ إِثْمَهُ ، وَمِنْ ذَلِكَ أَنْ يَأْتِيَ بِحَسَنَاتٍ تَمْحُوهُ . وَكَذَلِكَ مَنْ فَوَّتَ وَاجِبًا لَا
[11] يُمْكِنُهُ اسْتِدْرَاكُهُ ، وَأَمَّا إِذَا أَمْكَنَهُ اسْتِدْرَاكُهُ فَعَلَهُ بِنَفْسِهِ .
وَهَكَذَا نَقُولُ
[12] فِيمَنْ تَرَكَ بَعْضَ وَاجِبَاتِ الْإِيمَانِ ، بَلْ كُلَّ مَأْمُورٍ تَرَكَهُ فَقَدْ تَرَكَ جُزْءًا مِنْ إِيمَانِهِ ، فَيَسْتَدْرِكُهُ بِحَسْبِ الْإِمْكَانِ ، فَإِنْ فَاتَ وَقْتُهُ تَابَ وَفَعَلَ حَسَنَاتٍ أُخَرَ غَيْرَهُ .
[ ص: 210 ] وَلِهَذَا كَانَ الَّذِي اتَّفَقَ عَلَيْهِ الْعُلَمَاءُ أَنَّهُ يُمْكِنُ
nindex.php?page=treesubj&link=1647إِعَادَةُ الصَّلَاةِ فِي الْوَقْتِ الْخَاصِّ وَالْمُشْتَرَكِ [13] ، كَمَا يُصَلِّي الظُّهْرَ بَعْدَ دُخُولِ الْعَصْرِ ، وَيُؤَخِّرُ
[14] الْعَصْرَ إِلَى الِاصْفِرَارِ ; فَهَذَا تَصِحُّ صَلَاتُهُ وَعَلَيْهِ إِثْمُ التَّأْخِيرِ ، وَهُوَ مِنَ الْمَذْمُومِينَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=107&ayano=4فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ [ سُورَةُ الْمَاعُونِ : 4 - 5 ] وَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=59فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ [ سُورَةُ مَرْيَمَ : 59 ] ، فَإِنَّ تَأْخِيرَهَا
[15] عَنِ الْوَقْتِ الَّذِي يَجِبُ فِعْلُهَا فِيهِ هُوَ إِضَاعَةٌ لَهَا وَسَهْوٌ عَنْهَا بِلَا نِزَاعٍ أَعْلَمُهُ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ
[16] . وَقَدْ جَاءَتِ الْآثَارُ بِذَلِكَ عَنِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ .
وَقَدْ ثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ فِي الْأُمَرَاءِ الَّذِينَ يُؤَخِّرُونَ الصَّلَاةَ عَنْ وَقْتِهَا : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=20844صَلُّوا الصَّلَاةَ لِوَقْتِهَا ، وَاجْعَلُوا صَلَاتَكُمْ مَعَهُمْ نَافِلَةً "
[17] . وَهُمْ إِنَّمَا كَانُوا يُؤَخِّرُونَ الظُّهْرَ إِلَى وَقْتِ الْعَصْرِ ، وَالْعَصْرَ
[ ص: 211 ] إِلَى وَقْتِ الِاصْفِرَارِ . وَذَلِكَ مِمَّا هُمْ مَذْمُومُونَ عَلَيْهِ . وَلَكِنْ لَيْسُوا كَمَنْ تَرَكَهَا أَوْ فَوَّتَهَا حَتَّى غَابَتِ الشَّمْسُ ; فَإِنَّ هَؤُلَاءِ أَمَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِقِتَالِهِمْ ، وَنَهَى عَنْ قِتَالِ أُولَئِكَ .
nindex.php?page=hadith&LINKID=664561فَإِنَّهُ لَمَّا ذَكَرَ أَنَّهُ سَيَكُونُ أُمَرَاءُ وَيَفْعَلُونَ وَيَفْعَلُونَ . قَالُوا : أَفَلَا نُقَاتِلُهُمْ ؟ قَالَ : " لَا ، مَا صَلَّوْا "
[18] وَقَدْ أَخْبَرَ عَنْ هَذِهِ الصَّلَاةِ الَّتِي يُؤَخِّرُونَهَا وَأَمَرَ أَنْ تُصَلَّى فِي الْوَقْتِ ، وَتُعَادَ مَعَهُمْ نَافِلَةً ; فَدَلَّ عَلَى صِحَّةِ صَلَاتِهِمْ ، وَلَوْ كَانُوا لَمْ يُصَلُّوا لَأَمَرَ بِقِتَالِهِمْ .
وَقَدْ ثَبَتَ عَنْهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّهُ قَالَ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=657966nindex.php?page=treesubj&link=873مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الْعَصْرِ قَبْلَ أَنْ تَغْرُبَ الشَّمْسُ فَقَدْ أَدْرَكَ الْعَصْرَ [19] " مَعَ قَوْلِهِ أَيْضًا فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ
[20] : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=72402تِلْكَ صَلَاةُ الْمُنَافِقِ ، تِلْكَ صَلَاةُ الْمُنَافِقِ ، يَرْقُبُ الشَّمْسَ حَتَّى إِذَا كَانَتْ بَيْنَ قَرْنَيْ شَيْطَانٍ قَامَ فَنَقَرَ أَرْبَعًا لَا يَذْكُرُ اللَّهَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلًا "
[21] .
[ ص: 212 ] وَثَبَتَ عَنْهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ
[22] أَنَّهُ قَالَ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=914176nindex.php?page=treesubj&link=32774مَنْ فَاتَتْهُ صَلَاةُ الْعَصْرِ فَكَأَنَّمَا وُتِرَ أَهْلَهُ وَمَالَهُ "
[23] . وَثَبَتَ عَنْهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ
[24] أَنَّهُ قَالَ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=36027مَنْ تَرَكَ صَلَاةَ الْعَصْرِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ "
[25] . وَقَالَ أَيْضًا : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=658380إِنَّ هَذِهِ الصَّلَاةَ عُرِضَتْ عَلَى مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ فَضَيَّعُوهَا ، فَمَنْ حَافَظَ عَلَيْهَا كَانَ لَهُ الْأَجْرُ مَرَّتَيْنِ "
[26] .