الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                  معلومات الكتاب

                  منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية

                  ابن تيمية - أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني

                  صفحة جزء
                  وقوله : " وكان يعطي أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - من بيت المال أكثر مما ينبغي ، وكان يعطي عائشة وحفصة من المال في كل سنة عشرة آلاف درهم " .

                  فالجواب : أما حفصة فكان ينقصها من العطاء لكونها ابنته ، كما نقص عبد الله بن عمر [1] . وهذا من كمال احتياطه في العدل ، وخوفه مقام ربه ، ونهيه نفسه عن الهوى ، وهو كان يرى التفضيل في العطاء بالفضل ، فيعطي أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - أعظم مما يعطي غيرهن من النساء ، كما كان يعطي بني هاشم من آل أبي طالب وآل العباس أكثر مما يعطي أعدادهم من سائر القبائل ، فإذا فضل شخصا كان لأجل اتصاله برسول الله - صلى الله عليه وسلم - أو لسابقته واستحقاقه ، وكان يقول : [ ص: 38 ] ليس أحد أحق بهذا المال من أحد ، وإنما هو الرجل وغناؤه ، والرجل وبلاؤه ، والرجل وسابقته ، والرجل وحاجته ، فما [2] كان يعطي من يتهم على إعطائه بمحاباة في صداقة أو قرابة ، بل كان ينقص ابنه وابنته ونحوهما عن نظرائهم في العطاء ، وإنما كان يفضل بالأسباب الدينية المحضة ، ويفضل أهل بيت النبي - صلى الله عليه وسلم - على جميع البيوتات ويقدمهم .

                  وهذه السيرة لم يسرها بعده مثله لا عثمان ولا علي ولا غيرهما ، فإن قدح فيه بتفضيل أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - فليقدح فيه بتفضيل رجال أهل بيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم ، بل وتقديمهم على غيرهم .

                  التالي السابق


                  الخدمات العلمية