وقد أفرد العلماء مناقب عمر ؛ فإنه لا يعرف في سير الناس كسيرته ، كذلك قال أبو المعالي الجويني ، قال [1] : " ما دار الفلك على شكله ، قالت عائشة - رضي الله عنها - : كان عمر أحوذيا نسيج وحده ، قد أعد للأمور أقرانها ، وكانت تقول : زينوا مجالسكم بذكر عمر [2] . وقال ابن مسعود : أفرس الناس ثلاثة : ابنة [3] صاحب مدين إذ قالت : ( ياأبت استأجره إن خير من استأجرت القوي الأمين ) [ سورة القصص : 26 ] وخديجة في النبي - صلى الله عليه وسلم ، وأبو بكر حين استخلف عمر " [4] .
وكل هؤلاء العلماء الذين ذكرناهم يعلمون أن عدل عمر كان أتم من عدل من ولي بعده ، وعلمه كان أتم من علم من ولي بعده .
[ ص: 55 ] وأما التفاوت [5] بين سيرة عمر وسيرة من ولي بعده فأمر قد عرفته العامة والخاصة ؛ فإنها أعمال ظاهرة ، وسيرة بينة ، يظهر لعمر فيها من حسن النية ، وقصد العدل ، وعدم الغرض ، وقمع الهوى ما لا يظهر من غيره .
ولهذا قال له النبي - صلى الله عليه وسلم - : " ما رآك الشيطان سالكا فجا إلا سلك فجا غير فجك " [6] ، لأن الشيطان إنما يستطيل على الإنسان بهواه ، وعمر قمع هواه .
وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : " لو لم أبعث فيكم لبعث فيكم عمر [7] " .
[ ص: 56 ] وقال : " إن الله ضرب الحق على لسان عمر وقلبه " [8] .
ووافق ربه في غير واحدة نزل فيها القرآن بمثل ما قال .
وقال ابن عمر : كنا نتحدث أن السكينة تنطق على لسان عمر [9] .
وهذا لكمال نفسه بالعلم والعدل ، قال الله - تعالى - : ( وتمت كلمة ربك صدقا وعدلا ) [ سورة الأنعام : 115 ] فالله - تعالى - بعث الرسل بالعلم والعدل ؛ فكل من كان أتم علما وعدلا كان أقرب إلى ما جاءت به الرسل .
وهذا كان في عمر أظهر منه في غيره ، وهذا في العمل والعدل ظاهر لكل أحد ، وأما العلم فيعرف برأيه وخبرته بمصالح المسلمين ، وما ينفعهم وما يضرهم في دينهم ودنياهم ، ويعرف بمسائل النزاع التي له فيها قول ولغيره فيها قول ؛ فإن صواب عمر في مسائل النزاع وموافقته للنصوص أكثر من صواب عثمان وعلي .
[ ص: 57 ] ولهذا كان أهل المدينة إلى قوله أميل ، ومذهبهم أرجح مذاهب أهل الأمصار ؛ فإنه لم يكن في مدائن الإسلام في القرون الثلاثة أهل مدينة أعلم بسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - منهم ، وهم متفقون على تقديم قول عمر على قول علي .
، وأما الكوفيون ، فالطبقة الأولى منهم أصحاب ابن مسعود يقدمون قول عمر على قول علي ، وأولئك أفضل الكوفيين حتى قضاته [10] شريح وعبيدة السلماني وأمثالهما كانوا يرجحون قول عمر [ وعلي ] على قوله وحده [11] .
قال عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - : ما رأيت عمر قط إلا وأنا يخيل لي أن بين عينيه ملكا يسدده [12] . وروى الشعبي عن علي قال : ما كنا نبعد أن السكينة تنطق على لسان عمر [13] . وقال حذيفة بن اليمان : كان [ ص: 58 ] الإسلام في زمن عمر كالرجل المقبل ، لا يزداد إلا قربا ، فلما قتل كان كالرجل المدبر لا يزداد إلا بعدا ، وقال ابن مسعود : ما زلنا أعزة منذ أسلم عمر [14] . وقال أيضا : إذا ذكر الصالحون فحيهلا بعمر ، كان إسلامه نصرا ، وإمارته فتحا [15] .
وقال أيضا : كان عمر أعلمنا بكتاب الله ، وأفقهنا في دين الله ، وأعرفنا بالله ، والله لهو أبين من طريق الساعين ، يعني أن هذا أمر بين يعرفه الناس [16]
[ ص: 59 ] وقال أيضا عبد الله بن مسعود : لو أن علم عمر وضع في كفة ميزان ، ووضع علم أهل الأرض في كفة لرجح عليهم ، وقال أيضا لما مات عمر : إني لأحسب هذا قد ذهب بتسعة أعشار العلم ، وإني لأحسب تسعة أعشار العلم ذهب مع عمر يوم أصيب [17] .
وقال مجاهد : إذا اختلف الناس في شيء فانظروا ما صنع عمر فخذوا برأيه [18] .
وقال أبو عثمان النهدي : إنما كان عمر ميزانا لا يقول كذا ولا يقول كذا [19] .
وهذه الآثار وأضعافها مذكورة بالأسانيد الثابتة في الكتب المصنفة في هذا الباب ، ليس من أحاديث الكذابين ، والكتب الموجودة فيها هذه الآثار المذكورة بالأسانيد الثابتة كثيرة جدا .
[ ص: 60 ] قال عبد الله بن أحمد بن حنبل : حدثني أبي ، حدثنا يحيى بن سعيد ، عن إسماعيل بن أبي خالد ، حدثنا قيس بن أبي حازم ، قال : قال عبد الله بن مسعود : ما زلنا أعزة منذ أسلم عمر [20] . وقد روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من حديث ابن عمر وابن عباس وغيرهما أنه قال : " اللهم أعز الإسلام بأبي جهل بن هشام أو بعمر بن الخطاب " . قال : فغدا عمر على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأسلم يومئذ ، وفي لفظ : " أعز الإسلام بأحب هذين الرجلين إليك " [21] .
وروى النضر عن عكرمة عن ابن عباس ، قال : لما أسلم عمر قال المشركون : قد انتصف القوم منا [22] .
[ ص: 61 ] وروى أحمد بن منيع ، حدثنا ابن علية ، حدثنا أيوب عن أبي معشر ، عن إبراهيم قال : قال ابن مسعود : كان عمر حائطا حصينا على الإسلام ، يدخل الناس فيه ولا يخرجون منه ، فلما قتل عمر انثلم الحائط ، فالناس اليوم يخرجون منه [23] .
وروى ابن بطة بالإسناد [24] المعروف عن الثوري ، عن قيس بن مسلم ، عن طارق بن شهاب ، عن أم أيمن قالت : وهي الإسلام يوم مات عمر [25] .
والثوري ، عن منصور ، عن ربعي ، عن حذيفة قال : كان الإسلام في زمن عمر كالرجل المقبل لا يزداد إلا قربا ، فلما قتل كان كالرجل المدبر لا يزداد إلا بعدا [26] .
[ ص: 62 ] ومن طريق الماجشون ، قال : أخبرني عبد الواحد بن أبي عون ، عن القاسم بن محمد : كانت عائشة - رضي الله عنها - تقول : من رأى عمر بن الخطاب علم أنه خلق غناء للإسلام ، كان والله أحوذيا [27] نسيج وحده ، قد أعد للأمور أقرانها [28] .
وقال محمد بن إسحاق في " السيرة " : " أسلم عمر بن الخطاب ، وكان رجلا ذا شكيمة لا يرام ما وراء ظهره ، فامتنع به [ أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى عزوا ، وكان عبد الله بن مسعود يقول : ما كنا نقدر أن نصلي عند الكعبة حتى أسلم عمر بن الخطاب ، فلما أسلم قاتل قريشا حتى صلى ] [29] عند الكعبة وصلينا معه " .
وكذلك رواه مسندا محمد بن عبيد الطنافسي ، قال : حدثنا إسماعيل ، عن قيس بن أبي حازم ، قال : قال عبد الله بن مسعود : ما زلنا أعزة منذ أسلم عمر ، والله لو رأيتنا وما نستطيع أن نصلي بالكعبة ظاهرين ، حتى أسلم عمر فقاتلهم حتى تركونا فصلينا [30] .
[ ص: 63 ] وقد روي من وجوه ثابتة عن مكحول ، عن غضيف ، عن أبي ذر قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : " إن الله جعل الحق على لسان عمر يقول به " . وفي لفظ : " جعل الحق على لسان عمر [31] وقلبه ، أو قلبه ولسانه " وهذا مروي من حديث ابن عمر وأبي هريرة [32] .
وقد ثبت من غير وجه عن الشعبي عن علي قال : ما كنا نبعد أن السكينة تنطق على لسان عمر ، ثبت هذا عن الشعبي عن علي ، وهو قد رأى عليا ، وهو من أخبر الناس بأصحابه وحديثه [33] .
وفي الصحيحين عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : " قد كان في الأمم قبلكم محدثون ، فإن يكن في أمتي منهم أحد فعمر بن الخطاب " [34] .
وثبت عن طارق بن شهاب قال : إن كان الرجل ليحدث عمر بالحديث فيكذب الكذبة فيقول : احبس هذه ، ثم يحدثه الحديث فيقول : احبس هذه ، فيقول : كل ما حدثتك به حق إلا ما أمرتني أن أحبسه .
[ ص: 64 ] وروى ابن وهب ، عن يحيى بن أيوب ، عن ابن عجلان ، عن نافع ، عن ابن عمر : أن عمر بن الخطاب " بعث جيشا وأمر عليهم رجلا يدعى سارية . قال : فبينا عمر [35] يخطب في الناس ، فجعل يصيح على المنبر : يا سارية الجبل ، يا سارية الجبل . قال : فقدم رسول الجيش ، فسأله ، فقال : يا أمير المؤمنين ، لقينا عدونا فهزمونا [36] ، فإذا بصائح : يا سارية الجبل ، يا سارية الجبل . فأسندنا ظهورنا إلى الجبل ، فهزمهم الله . فقيل لعمر بن الخطاب : إنك كنت تصيح بذلك على المنبر " . [37]
وفي الصحيحين عن عمر أنه قال : " وافقت ربي في ثلاث . قلت : يا رسول الله لو اتخذت من مقام إبراهيم مصلى فنزلت : ( واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى ) [ سورة البقرة : 125 ] وقلت : يا رسول الله إن نساءك يدخل عليهن البر والفاجر ، فلو أمرتهن أن يحتجبن ، قال : فنزلت آية الحجاب ، واجتمع على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نساؤه في الغيرة ، فقلت لهن : عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجا خيرا منكن ، فنزلت كذلك " [38] .
وفي الصحيحين أنه لما مات عبد الله بن أبي ابن سلول دعي له رسول [ ص: 65 ] الله - صلى الله عليه وسلم - ليصلي عليه ، قال عمر : فلما قام دنوت إليه ، فقلت : يا رسول الله ، أتصلي عليه وهو منافق ، فأنزل الله ولا تصل على أحد منهم مات أبدا ولا تقم على قبره ) [ سورة التوبة : 84 ] وأنزل الله استغفر لهم أو لا تستغفر لهم إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم [ سورة التوبة : 80 ] [39] .
وثبت عن قيس ، عن طارق بن شهاب ، قال : كنا نتحدث أن عمر يتحدث على لسانه ملك [40] .
وعن مجاهد قال : كان عمر إذا رأى الرأي نزل به القرآن .
وفي الصحيحين عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " رأيت كأن الناس عرضوا علي وعليهم قمص ، منها ما يبلغ الثدي ، ومنها ما هو دون ذلك ، وعرض علي عمر بن الخطاب وعليه قميص يجره " . قالوا [41] : فما أولته يا رسول الله ؟ قال : " الدين " [42] .
وفي الصحيحين عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " بينا أنا نائم رأيتني [43] أتيت بقدح فشربت منه ، حتى أني لا أرى الري يخرج من [ ص: 66 ] أظفاري ، ثم أعطيت فضلي عمر بن الخطاب " قالوا : ما أولت ذلك يا رسول الله ؟ قال : " العلم " [44] .
وفي الصحيحين عنه قال : " رأيت كأني أنزع على قليب بدلو ، فأخذها ابن أبي قحافة فنزع ذنوبا أو ذنوبين ، وفي نزعه ضعف ، والله يغفر له ، ثم أخذ عمر بن الخطاب فاستحالت في يده غربا فلم أر عبقريا من الناس يفري فريه ، حتى ضرب الناس بعطن " [45] .
وقال عبد الله بن أحمد : حدثنا الحسن بن حماد ، حدثنا وكيع ، عن الأعمش ، عن شقيق ، عن عبد الله بن مسعود ، قال : " لو أن علم عمر وضع في كفة ميزان ووضع علم [ خيار ] [46] أهل الأرض في كفة لرجح عليهم بعلمه " . قال الأعمش : فأنكرت ذلك ، وذكرته لإبراهيم ، فقال : ما أنكرت من ذلك ؟ قد قال ما هو أفضل من ذلك ، قال : " إني لأحسب تسعة أعشار العلم ذهب مع عمر بن الخطاب " [47] .
وروى ابن بطة بالإسناد الثابت عن ابن عيينة وحماد بن سلمة ، وهذا لفظه عن عبد الله بن عمير ، عن زيد بن وهب : أن رجلا أقرأه معقل بن مقرن [ أبو عميرة ] [48] آية ، وأقرأها عمر بن الخطاب آخر ، فسألا ابن مسعود عنها ، فقال لأحدهما : من أقرأكها ؟ قال : أبو عميرة بن معقل بن مقرن . [ ص: 67 ] وقال للآخر : من أقرأكها ؟ قال عمر بن الخطاب . فبكى ابن مسعود حتى كثرت دموعه ، ثم قال : اقرأها كما أقرأكها عمر ؛ فإنه كان أقرأنا لكتاب الله ، وأعلمنا بدين الله ، ثم قال : كان عمر حصنا حصينا [ على الإسلام ] [49] يدخل في الإسلام ولا يخرج منه ، فلما ذهب عمر انثلم الحصن ثلمة لا يسدها [50] أحد بعده ، وكان إذا سلك طريقا اتبعناه ووجدناه سهلا ، فإذا ذكر الصالحون فحيهلا بعمر [ ، فحيهلا بعمر ، فحيهلا بعمر ] [51] . وقال عبد الله بن أحمد : حدثنا أبي ، حدثنا هشيم ، حدثنا العوام ، عن مجاهد قال : " إذا اختلف الناس في شيء فانظروا ما صنع عمر فخذوا به " [52] .
وروى ابن مهدي ، عن حماد بن زيد ، قال : سمعت خالدا الحذاء يقول : نرى أن الناسخ من قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما كان عليه عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - .
وروى ابن بطة من حديث أحمد بن يحيى الحلواني ، حدثنا عبيد بن جناد ، حدثنا عطاء بن مسلم ، عن صالح المرادي ، عن عبد خير ، قال : رأيت عليا صلى العصر فصف له أهل نجران صفين ، فلما صلى أومأ رجل [ ص: 68 ] منهم إلى رجل ، فأخرج كتابا فناوله إياه ، فلما قرأه دمعت عيناه ، ثم رفع رأسه إليهم فقال : يا أهل نجران - أو يا أصحابي - هذا والله خطي بيدي ، وإملاء عمر علي . فقالوا : يا أمير المؤمنين أعطنا ما فيه ، فدنوت منه فقلت : إن كان رادا على عمر يوما فاليوم يرد عليه ، فقال : لست رادا على عمر شيئا صنعه ، إن عمر كان رشيد الأمر ، وإن عمر أعطاكم خيرا مما أخذ منكم ، وأخذ منكم خيرا مما أعطى ، ولم يجر لعمر نفع مع أخذ لنفسه ، إنما أخذه لجماعة المسلمين [53] .
وقد روى أحمد والترمذي وغيرهما ، قال أحمد : حدثنا أبو [54] عبد الرحمن المقري ، حدثنا حيوة بن شريح ، حدثنا بكر بن عمرو المعافري ، عن مشرح بن هاعان [55] ، عن عقبة بن عامر الجهني قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : " لو كان بعدي نبي لكان عمر بن الخطاب " [56] .
[ ص: 69 ] ورواه ابن وهب وغيره عن ابن لهيعة عن مشرح ، فهو ثابت عنه [57] .
وروى ابن بطة من حديث عقبة بن مالك الخطمي ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " لو كان غيري نبي لكان عمر بن الخطاب " . وفي لفظ : " لو لم أبعث فيكم لبعث فيكم عمر " وهذا اللفظ في الترمذي [58] .
وقال عبد الله بن أحمد [59] ، حدثنا شجاع بن مخلد ، حدثنا يحيى بن يمان ، حدثنا سفيان ، عن عمرو بن محمد [60] ، عن سالم بن عبد الله ، عن أبي موسى الأشعري أنه أبطأ عليه خبر عمر ، فكلم امرأة في بطنها شيطان ، فقالت : حتى يجيء شيطاني فأسأله ، فقال : رأيت عمر متزرا بكساء يهنأ إبل الصدقة [61] ، وذلك [62] لا يراه الشيطان إلا خر لمنخريه [63] للملك الذي بين عينيه ، روح [64] القدس ينطق [65] على لسانه [66] .
ومثل هذا في الصحيحين عن سعد بن أبي وقاص ، قال : استأذن عمر [ ص: 70 ] على رسول الله - صلى الله عليه وسلم ، وعنده نساء من قريش يكلمنه ويستكثرنه ، عالية أصواتهن ، فلما استأذن عمر قمن فابتدرن [67] الحجاب ، فأذن له رسول الله - صلى الله عليه وسلم ، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يضحك . فقال عمر : أضحك الله سنك يا رسول الله . فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " عجبت [68] من هؤلاء اللاتي كن عندي ، فلما سمعن صوتك ابتدرن الحجاب " . فقال عمر : قلت : يا رسول الله [69] أنت أحق أن يهبن . ثم قال عمر : أي عدوات أنفسهن ، تهبنني ولا تهبن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - . [ قلن : نعم ، أنت أفظ وأغلظ من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ] [70] . قال رسول الله : " والذي نفسي بيده ما لقيك الشيطان قط سالكا فجا إلا سلك فجا غير فجك " [71] .
وفي حديث آخر أن الشيطان يفر من حس عمر [72] .
[ ص: 71 ] وقال أحمد بن حنبل : حدثنا عبد الرحمن ، حدثنا سفيان ، عن واصل ، عن مجاهد قال : كنا نتحدث أن الشياطين كانت مصفدة في إمارة عمر ، فلما قتل عمر وثبت .
وهذا باب طويل قد صنف الناس فيه مجلدات في مناقب عمر مثل كتاب أبي الفرج بن الجوزي وعمر بن شبة [73] وغيرهما ، غير ما ذكره الإمام أحمد بن حنبل وغيره من أئمة العلم ، مثل ما صنفه خيثمة بن سليمان في " فضائل الصحابة " والدارقطني والبيهقي وغيرهم .


