الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                  معلومات الكتاب

                  منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية

                  ابن تيمية - أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني

                  صفحة جزء
                  [ ص: 257 ] . قال [ الرازي ] [1] :

                  ( . البرهان الخامس : أنه إما أن يتوقف جهة افتقار الممكنات إلى المؤثر ، أو جهة تأثير المؤثرات [2] فيها على الحدوث ، أو لا تتوقف ، والأول قد أبطلناه في باب [3] ( القدم والحدوث ) فثبت أن الحدوث غير معتبر في جهة الافتقار ) .

                  فيقال : ما ذكرته في ذلك قد بين إبطاله أيضا ، وأن كل ما يفتقر إلى الفاعل لا يكون إلا حادثا ، وأما القديم الأزلي ، فيمتنع أن يكون مفعولا . والذي ذكرته في كتاب ( الحدوث والقدم ) في ( المباحث المشرقية ) هو الذي جرت عادتك بذكره في ( المحصل ) وغيره ، وهو أن الحدوث عبارة عن كون الوجود مسبوقا بالعدم ، وبالغير ، فهو صفة للوجود ، فيكون متأخرا عنه ، وهو متأخر عن تأثير المؤثر فيه ، المتأخر عن احتياجه إليه المتأخر عن علة الحاجة ، فلو كان الحدوث علة الحاجة إلى الحدوث ، أو شرطها لزم تأخر الشيء عن نفسه بأربع مراتب .

                  جوابه : أن هذا ليس صفة وجودية قائمة به حتى يتأخر عن وجوده ، بل معناه أنه كان بعد أن لم يكن ، وهو إنما يحتاج إلى المؤثر في هذه الحال ، وهو في هذه الحال مسبوق بالعدم ، والتأخرات المذكورات هنا اعتبارات عقلية ليست تأخرات زمانية ، والعلة هنا المراد بها المعنى الملزوم لغيره ليس المراد بها أنها فاعل متقدم على مفعوله بالزمان .

                  [ ص: 258 ] . واللازم والملزوم [4] قد يكون زمانهما جميعا ، كما يقولون : [5] الصفة تفتقر إلى الموصوف ، والعرض إلى الجوهر ، وإن كانا موجودين معا ، ويقولون : [6] إنما افتقر العرض إلى الموصوف لكونه معنى قائما بغيره ، وهذا المعنى مقارن لافتقاره إلى الموصوف .

                  التالي السابق


                  الخدمات العلمية