[ ص: 186 ] فإن قالوا : إن - رضي الله عنه - فعل ذلك بالنص . عليا
قيل [1] : أولا : خليفة راشد ، وكذلك عليا عثمان . لكن قبل أن نعلم حجة كل منهما فيما فعل ، فلا ريب أن تطرق الظنون والتهم إلى ما فعله علي أعظم من تطرق التهم والظنون إلى ما فعله نحن نعتقد أن . عثمان
وإذا قال القائل : حجة فيما فعله لعلي [2] .
قيل له : وحجة فيما فعله أعظم . وإذا ادعي عثمان العصمة ونحوها مما يقطع عنه ألسنة الطاعنين ، كان ما يدعى لعلي من الاجتهاد الذي يقطع ألسنة الطاعنين أقرب إلى المعقول [ والمنقول ] لعثمان [3] .
فإن الرافضي يجيء إلى أشخاص ظهر بصريح [4] المعقول وصحيح المنقول أن بعضهم أكمل سيرة من بعض ، فيجعل الفاضل مذموما مستحقا للقدح ، ويجعل المفضول معصوما مستحقا للمدح ، كما فعلت النصارى : يجيئون إلى الأنبياء - صلوات الله عليهم ، وقد فضل الله بعضهم [ ص: 187 ] على بعض ، فيجعلون المفضول إلها والفاضل منقوصا دون الحواريين الذين صحبوا المسيح ، فيكون ذلك قلبا للحقائق . وأعجب من ذلك أنهم يجعلون الحواريين الذين ليسوا أنبياء معصومين عن الخطأ ، ويقدحون في بعض الأنبياء كسليمان وغيره .
ومعلوم أن إبراهيم ومحمدا أفضل من نفس المسيح - صلوات الله وسلامه عليهم - بالدلائل الكثيرة ، بل وكذلك موسى . فكيف يجعل الذين صحبوا المسيح أفضل من إبراهيم ومحمد ؟
وهذا من الجهل والغلو الذي نهاهم الله عنه . قال تعالى : ( ياأهل الكتاب لا تغلوا في دينكم ولا تقولوا على الله إلا الحق إنما المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه ) [ سورة النساء : 171 ] .
وكذلك الرافضة موصوفون بالغلو عند الأمة ، فإن فيهم من ادعى الإلهية في . وهؤلاء شر من علي النصارى ، وفيهم [5] من ادعى النبوة فيه . ومن أثبت نبيا بعد محمد فهو شبيه بأتباع مسيلمة الكذاب وأمثاله من المتنبئين ، إلا أن - رضي الله عنه - بريء من هذه الدعوة ، بخلاف من ادعى النبوة لنفسه عليا كمسيلمة وأمثاله .