الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                  معلومات الكتاب

                  منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية

                  ابن تيمية - أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني

                  صفحة جزء
                  [ ص: 186 ] فإن قالوا : إن عليا - رضي الله عنه - فعل ذلك بالنص .

                  قيل [1] : أولا : نحن نعتقد أن عليا خليفة راشد ، وكذلك عثمان . لكن قبل أن نعلم حجة كل منهما فيما فعل ، فلا ريب أن تطرق الظنون والتهم إلى ما فعله علي أعظم من تطرق التهم والظنون إلى ما فعله عثمان .

                  وإذا قال القائل : لعلي حجة فيما فعله [2] .

                  قيل له : وحجة عثمان فيما فعله أعظم . وإذا ادعي لعلي العصمة ونحوها مما يقطع عنه ألسنة الطاعنين ، كان ما يدعى لعثمان من الاجتهاد الذي يقطع ألسنة الطاعنين أقرب إلى المعقول [ والمنقول ] [3] .

                  فإن الرافضي يجيء إلى أشخاص ظهر بصريح [4] المعقول وصحيح المنقول أن بعضهم أكمل سيرة من بعض ، فيجعل الفاضل مذموما مستحقا للقدح ، ويجعل المفضول معصوما مستحقا للمدح ، كما فعلت النصارى : يجيئون إلى الأنبياء - صلوات الله عليهم ، وقد فضل الله بعضهم [ ص: 187 ] على بعض ، فيجعلون المفضول إلها والفاضل منقوصا دون الحواريين الذين صحبوا المسيح ، فيكون ذلك قلبا للحقائق . وأعجب من ذلك أنهم يجعلون الحواريين الذين ليسوا أنبياء معصومين عن الخطأ ، ويقدحون في بعض الأنبياء كسليمان وغيره .

                  ومعلوم أن إبراهيم ومحمدا أفضل من نفس المسيح - صلوات الله وسلامه عليهم - بالدلائل الكثيرة ، بل وكذلك موسى . فكيف يجعل الذين صحبوا المسيح أفضل من إبراهيم ومحمد ؟

                  وهذا من الجهل والغلو الذي نهاهم الله عنه . قال تعالى : ( ياأهل الكتاب لا تغلوا في دينكم ولا تقولوا على الله إلا الحق إنما المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه ) [ سورة النساء : 171 ] .

                  وكذلك الرافضة موصوفون بالغلو عند الأمة ، فإن فيهم من ادعى الإلهية في علي . وهؤلاء شر من النصارى ، وفيهم [5] من ادعى النبوة فيه . ومن أثبت نبيا بعد محمد فهو شبيه بأتباع مسيلمة الكذاب وأمثاله من المتنبئين ، إلا أن عليا - رضي الله عنه - بريء من هذه الدعوة ، بخلاف من ادعى النبوة لنفسه كمسيلمة وأمثاله .

                  التالي السابق


                  الخدمات العلمية