الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                  معلومات الكتاب

                  منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية

                  ابن تيمية - أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني

                  صفحة جزء
                  فصل

                  قال الرافضي [1] : " البرهان الرابع عشر : قوله تعالى : ( وقفوهم إنهم مسئولون ) [ سورة الصافات : 24 ] من طريق أبي نعيم [2] عن الشعبي عن ابن عباس قال في قوله تعالى : ( وقفوهم إنهم مسئولون ) عن ولاية علي . وكذا في كتاب " الفردوس " عن أبي [ ص: 144 ] سعيد الخدري - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - [3] . وإذا سئلوا عن الولاية وجب أن تكون ثابتة له ، ولم يثبت لغيره من الصحابة ذلك ، فيكون هو الإمام " .

                  والجواب من وجوه : أحدها : المطالبة بصحة النقل [4] ، والعزو إلى " الفردوس " وإلى أبي نعيم لا تقوم به حجة باتفاق أهل العلم .

                  الثاني : أن هذا كذب موضوع بالاتفاق [5] .

                  الثالث : أن الله تعالى قال : ( بل عجبت ويسخرون وإذا ذكروا لا يذكرون وإذا رأوا آية يستسخرون وقالوا إن هذا إلا سحر مبين أئذا متنا وكنا ترابا وعظاما أئنا لمبعوثون أوآباؤنا الأولون قل نعم وأنتم داخرون فإنما هي زجرة واحدة فإذا هم ينظرون وقالوا ياويلنا هذا يوم الدين هذا يوم الفصل الذي كنتم به تكذبون احشروا الذين ظلموا وأزواجهم وما كانوا يعبدون من دون الله فاهدوهم إلى صراط الجحيم وقفوهم إنهم مسئولون ما لكم لا تناصرون بل هم اليوم مستسلمون وأقبل بعضهم على بعض يتساءلون قالوا إنكم كنتم تأتوننا عن اليمين قالوا بل لم تكونوا مؤمنين وما كان لنا عليكم من سلطان بل كنتم قوما طاغين فحق علينا قول ربنا إنا لذائقون فأغويناكم إنا كنا غاوين فإنهم يومئذ في العذاب مشتركون إنا كذلك نفعل بالمجرمين إنهم كانوا إذا قيل لهم لا إله إلا الله يستكبرون ويقولون أئنا لتاركو آلهتنا لشاعر مجنون بل جاء بالحق وصدق المرسلين ) [ ص: 145 ] [ سورة الصافات : 12 - 37 ] .

                  فهذا خطاب عن المشركين المكذبين بيوم الدين ، وهؤلاء يسألون عن توحيد الله والإيمان برسله واليوم الآخر . وأي مدخل لحب علي في سؤال هؤلاء تراهم لو أحبوه مع هذا الكفر والشرك أكان ذلك ينفعهم أو تراهم لو أبغضوه أين كان بغضهم له في بغضهم لأنبياء الله ولكتابه ودينه ؟

                  وما يفسر القرآن بهذا ، ويقول : النبي - صلى الله عليه وسلم - فسره بمثل هذا - إلا زنديق ملحد متلاعب بالدين قادح في دين الإسلام أو مفرط في الجهل ، لا يدري ما يقول وأي فرق بين حب علي وطلحة والزبير وسعد وأبي بكر وعمر وعثمان ؟ !

                  ولو قال قائل : إنهم مسئولون عن حب أبي بكر ، لم يكن قوله أبعد من قول من قال : عن حب علي ، ولا في الآية [6] ما يدل على أن ذلك القول أرجح ، بل دلالتها [7] على ثبوتهما وانتفائهما [8] سواء ، والأدلة الدالة [9] على وجوب حب أبي بكر أقوى .

                  الرابع : أن قوله " مسئولون " لفظ مطلق لم يوصل [ به ] ضمير [10] يخصه بشيء ، وليس في السياق ما يقتضي ذكر حب علي ، فدعوى المدعي دلالة اللفظ على سؤالهم عن حب علي من أعظم الكذب والبهتان .

                  [ ص: 146 ] الخامس : أنه لو ادعى مدع أنهم مسئولون عن حب أبي بكر وعمر ، لم يكن [11] إبطال ذلك بوجه إلا وإبطال السؤال عن حب علي أقوى وأظهر .

                  التالي السابق


                  الخدمات العلمية