الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                  معلومات الكتاب

                  منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية

                  ابن تيمية - أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني

                  صفحة جزء
                  وقوله : " أنا أعلم بطرق السماء من طرق الأرض " .

                  كلام باطل لا يقوله عاقل ، ولم يصعد أحد ببدنه إلى السماء من الصحابة والتابعين
                  ، وقد تكلم الناس في معراج النبي - صلى الله عليه وسلم - هل هو ببدنه أو بروحه ؟ وإن كان الأكثرون على أنه ببدنه ، فلم ينازع السلف في غير النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه لم يعرج ببدنه .

                  ومن اعتقد هذا من الغلاة في أحد من المشايخ وأهل البيت فهو من الضلال ، من جنس من اعتقد من الغلاة في أحد من هؤلاء النبوة ، أو ما هو أفضل من النبوة ، أو الإلهية .

                  [ ص: 59 ] وهذه المقالات كلها كفر بين ، لا يستريب في ذلك أحد من علماء الإسلام . وهذا كاعتقاد الإسماعيلية ، أولاد ميمون القداح ، الذين كان جدهم يهوديا ربيبا لمجوسي ، وزعموا أنهم أولاد محمد بن إسماعيل بن جعفر ، واعتقد كثير من أتباعهم فيهم الإلهية أو النبوة ، وأن محمد بن إسماعيل بن جعفر نسخ شريعة محمد - صلى الله عليه وسلم - .

                  وكذلك طائفة من الغلاة يعتقدون الإلهية أو النبوة في علي ، وفي بعض أهل بيته : إما الاثنا عشر ، وإما غيرهم .

                  وكذلك طائفة من العامة والنساك يعتقدون في بعض الشيوخ نوعا من الإلهية أو النبوة ، أو أنهم أفضل من الأنبياء ، [ ويجعلون خاتم الأولياء أفضل من خاتم الأنبياء ] [1] ، وكذلك طائفة من هؤلاء يجعلون الأولياء أفضل من الأنبياء .

                  ويعتقد ابن عربي ونحوه أن خاتم الأنبياء يستفيد من خاتم الأولياء ، وأنه هو خاتم الأولياء .

                  ويعتقد طائفة أخرى أن الفيلسوف الكامل أعلم من النبي بالحقائق العلمية والمعارف الإلهية .

                  فهذه الأقوال ونحوها هي من الكفر المخالف لدين الإسلام باتفاق أهل الإسلام ، ومن قال منها شيئا فإنه يستتاب منه ، كما يستتاب نظراؤه [ ص: 60 ] ممن يتكلم بالكفر ، كاستتابة المرتد إن كان مظهرا لذلك ، وإلا كان داخلا في مقالات أهل الزندقة والنفاق .

                  وإن قدر أن بعض الناس خفي عليه مخالفة ذلك لدين الإسلام : إما لكونه حديث عهد بالإسلام ، أو لنشأته بين قوم جهال يعتقدون مثل ذلك - فهذا بمنزلة من يجهل وجوب الصلاة أو بعضها ، أو يرى الواجبات تجب على العامة دون الخاصة ، وأن المحرمات - كالزنا والخمر - مباح للخاصة دون العامة .

                  وهذه الأقوال قد وقع في كثير منها كثير من المنتسبين إلى التشيع ، والمنتسبين إلى كلام أو تصوف أو تفلسف ، وهي مقالات باطلة معلومة البطلان عند أهل العلم والإيمان ، لا يخفى بطلانها على من هو من أهل الإسلام والعلم .

                  التالي السابق


                  الخدمات العلمية