( فصل )
قلت : وأما قوله : " بسيفه ثبت قواعد الإسلام [1] وتشيدت أركان الدين " [2] .
فهذا كذب ظاهر لكل من عرف الإسلام ، بل سيفه جزء من أجزاء [ ص: 90 ] كثيرة ، جزء من أجزاء أسباب تثبيت قواعد الإسلام ، وكثير من الوقائع التي ثبت بها الإسلام لم يكن لسيفه فيها تأثير ، كيوم بدر : كان سيفا من سيوف كثيرة .
وقد قدمنا غير مرة أن غزوات القتال كلها كانت تسع غزوات ، وعلي بعد موت النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يشهد قتال الروم وفارس ، ولم يعرف غزاة أثر فيها تأثيرا منفردا كثيرا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بل كان نصره في المغازي تبعا لنصر رسول الله - صلى الله عليه وسلم . لعلي
والحروب الكبار التي كان فيها هو الأمير ثلاثة : يوم الجمل ، والصفين ، والنهروان . وفي الجمل والنهروان كان منصورا ; فإن جيشه كان أضعاف المقاتلين له ، ومع هذا لم يستظهر على المقاتلين له [3] ، بل ما زالوا مستظهرين عليه إلى أن استشهد إلى كرامة الله ورضوانه ، وأمره يضعف ، وأمر المقاتلين له يقوى .
وهذا مما يدل على أن الانتصار الذي كان يحصل له في حياة النبي - صلى الله عليه وسلم - كان نصرا من الله لرسوله ، ولمن قاتل معه على دينه ; فإن الله يقول : ( إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد ) [ سورة غافر : 51 ] .
وكذلك انتصار غير ، كانتصار علي أبي بكر وعمر على من قاتلوه ، إنما كان نصرا من الله لرسوله ، كما وعده بذلك في كتابه . وعثمان