الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                  معلومات الكتاب

                  منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية

                  ابن تيمية - أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني

                  صفحة جزء
                  ( فصل )

                  قلت : وأما قوله : " بسيفه ثبت قواعد الإسلام [1] وتشيدت أركان الدين " [2] .

                  فهذا كذب ظاهر لكل من عرف الإسلام ، بل سيفه جزء من أجزاء [ ص: 90 ] كثيرة ، جزء من أجزاء أسباب تثبيت قواعد الإسلام ، وكثير من الوقائع التي ثبت بها الإسلام لم يكن لسيفه فيها تأثير ، كيوم بدر : كان سيفا من سيوف كثيرة .

                  وقد قدمنا غير مرة أن غزوات القتال كلها كانت تسع غزوات ، وعلي بعد موت النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يشهد قتال الروم وفارس ، ولم يعرف لعلي غزاة أثر فيها تأثيرا منفردا كثيرا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بل كان نصره في المغازي تبعا لنصر رسول الله - صلى الله عليه وسلم .

                  والحروب الكبار التي كان فيها هو الأمير ثلاثة : يوم الجمل ، والصفين ، والنهروان . وفي الجمل والنهروان كان منصورا ; فإن جيشه كان أضعاف المقاتلين له ، ومع هذا لم يستظهر على المقاتلين له [3] ، بل ما زالوا مستظهرين عليه إلى أن استشهد إلى كرامة الله ورضوانه ، وأمره يضعف ، وأمر المقاتلين له يقوى .

                  وهذا مما يدل على أن الانتصار الذي كان يحصل له في حياة النبي - صلى الله عليه وسلم - كان نصرا من الله لرسوله ، ولمن قاتل معه على دينه ; فإن الله يقول : ( إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد ) [ سورة غافر : 51 ] .

                  وكذلك انتصار غير علي ، كانتصار أبي بكر وعمر وعثمان على من قاتلوه ، إنما كان نصرا من الله لرسوله ، كما وعده بذلك في كتابه .

                  التالي السابق


                  الخدمات العلمية