الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                  معلومات الكتاب

                  منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية

                  ابن تيمية - أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني

                  صفحة جزء
                  ( فصل )

                  قال الرافضي [1] : " وفي غزاة بدر ، وهي أول الغزوات ، كانت على رأس ثمانية عشر شهرا من مقدمه إلى المدينة [2] ، وعمره سبع وعشرون سنة ، قتل منهم ستة وثلاثين رجلا بانفراده ، وهم [3] أعظم من نصف المقتولين ، وشرك في الباقين " .

                  والجواب : أن هذا من الكذب البين المفترى ، باتفاق أهل العلم العالمين بالسير والمغازي . ولم يذكر هذا أحد يعتمد عليه في النقل ، وإنما هو من وضع جهال الكذابين ، بل في الصحيح قتل غير واحد لم يشرك علي في واحد منهم ، مثل أبي جهل ، وعقبة بن أبي معيط ، ومثل أحد ابني ربيعة : إما عتبة بن ربيعة ، وإما شيبة بن ربيعة ، وأبي بن خلف وغيرهم .

                  وذلك أنه لما برز من المشركين ثلاثة : عتبة ، وشيبة ، والوليد ، فانتدب [ ص: 95 ] لهم ثلاثة من الأنصار ، فقالوا : من أنتم ؟ فسموا أنفسهم [4] . فقالوا : أكفاء كرام ، ولكن نريد بني عمنا . فأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أقاربه بالبروز إليهم ، فقال : " قم يا حمزة ، قم يا عبيدة ، قم يا علي " ، وكان أصغر المشركين هو الوليد ، وأصغر المسلمين علي ، فبرز هذا إلى هذا ، فقتل علي قرنه ، وقتل حمزة قرنه . قيل : إنه كان عتبة ، وقيل : كان شيبة . وأما عبيدة فجرح قرنه ، وساعده حمزة على قتل قرنه ، وحمل عبيدة بن الحارث [5] .

                  وقيل : إن عليا لم يقتل ذلك اليوم إلا نفرا دون العشرة ، أو أقل ، أو أكثر .

                  وغاية ما ذكره ابن هشام ، وقبله موسى بن عقبة ، وكذلك الأموي [6] ، [ ص: 96 ] جميع ما ذكروه أحد عشر نفسا ، واختلف في ستة أنفس ، هل قتلهم هو أو غيره ، وشارك في ثلاثة . هذا جميع ما نقله هؤلاء الصادقون [7] .

                  التالي السابق


                  الخدمات العلمية