( فصل )
قال الرافضي [1] : " وفي غزاة بدر ، وهي أول الغزوات ، كانت على رأس ثمانية عشر شهرا من مقدمه إلى المدينة [2] ، وعمره سبع وعشرون سنة ، قتل منهم ستة وثلاثين رجلا بانفراده ، وهم [3] أعظم من نصف المقتولين ، وشرك في الباقين " .
والجواب : أن هذا من الكذب البين المفترى ، باتفاق أهل العلم العالمين بالسير والمغازي . ولم يذكر هذا أحد يعتمد عليه في النقل ، وإنما هو من وضع جهال الكذابين ، بل في الصحيح قتل غير واحد لم يشرك علي في واحد منهم ، مثل أبي جهل ، وعقبة بن أبي معيط ، ومثل أحد ابني ربيعة : إما عتبة بن ربيعة ، وإما شيبة بن ربيعة ، وأبي بن خلف وغيرهم .
وذلك أنه لما برز من المشركين ثلاثة : عتبة ، وشيبة ، والوليد ، فانتدب [ ص: 95 ] لهم ثلاثة من الأنصار ، فقالوا : من أنتم ؟ فسموا أنفسهم [4] . فقالوا : أكفاء كرام ، ولكن نريد بني عمنا . فأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أقاربه بالبروز إليهم ، فقال : " قم يا حمزة ، قم يا عبيدة ، قم يا علي " ، وكان أصغر المشركين هو الوليد ، وأصغر المسلمين علي ، فبرز هذا إلى هذا ، فقتل علي قرنه ، وقتل حمزة قرنه . قيل : إنه كان عتبة ، وقيل : كان شيبة . وأما عبيدة فجرح قرنه ، وساعده حمزة على قتل قرنه ، وحمل عبيدة بن الحارث [5] .
وقيل : إن عليا لم يقتل ذلك اليوم إلا نفرا دون العشرة ، أو أقل ، أو أكثر .
وغاية ما ذكره ابن هشام ، وقبله موسى بن عقبة ، وكذلك الأموي [6] ، [ ص: 96 ] جميع ما ذكروه أحد عشر نفسا ، واختلف في ستة أنفس ، هل قتلهم هو أو غيره ، وشارك في ثلاثة . هذا جميع ما نقله هؤلاء الصادقون [7] .


