( فصل )
قال الرافضي [1] . : " وقتل من بني المصطلق مالكا وابنه ، وسبى كثيرا ، من جملتهم جويرية بنت الحارث بن أبي ضرار ، فاصطفاها النبي - صلى الله عليه وسلم - فجاءها [2] . أبوها في ذلك [ ص: 120 ] اليوم ، فقال : يا رسول الله : ابنتي [3] . كريمة لا تسبى [4] . ، فأمره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأن يخيرها [5] . ، فقال : أحسنت وأجملت ، ثم قال : يا بنية لا تفضحي قومك ، قالت : اخترت الله ورسوله " [6] - . .
والجواب أن يقال : أولا : لا بد من [ بيان ] [7] . إسناد كل ما يحتج به من المنقول ، أو عزوه إلى كتاب تقوم به الحجة . [ وإلا ] [8] . فمن أين يعلم أن هذا وقع ؟ ثم يقول من يعرف السيرة : هذا كله من الكذب ، من أخبار الرافضة التي يختلقونها ; فإنه لم ينقل أحد أن عليا فعل هذا في غزوة بني المصطلق ، ولا سبى جويرية بنت الحارث ، وهي لما سبيت كاتبت على نفسها ، فأدى عنها النبي - صلى الله عليه وسلم - وعتقت من الكتابة ، وأعتق الناس السبي لأجلها ، وقالوا : أصهار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولم يقدم أبوها أصلا ولا خيرها .
وروى أبو داود عن عائشة [9] . قالت : وقعت جويرية بنت الحارث بن [ ص: 121 ] المصطلق في سهم ثابت بن قيس بن شماس ، ( * [ أو ابن عم له ] [10] . ، فكاتبت على نفسها ، وكانت امرأة ملاحة لها في العين حظ [11] [ تأخذها العين . قالت عائشة ] [12] . : فجاءت تسأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في كتابتها ، فلما قامت على الباب فرأيتها كرهت مكانها ، وعرفت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سيرى منها مثل الذي رأيت ، فقالت : يا رسول الله أنا جويرية بنت الحارث ، وإنه كان [13] من أمري ما لا يخفى عليك ، وإني وقعت في سهم ثابت بن قيس بن شماس * ) [14] . ، وإني كاتبت على نفسي ، وجئتك تعينني [15] . فقال لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم : " فهل لك فيما هو خير لك ؟ " قالت : وما هو يا رسول الله ؟ قال : " أؤدي عنك كتابتك وأتزوجك " قالت : قد فعلت . فلما تسامع الناس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد تزوج جويرية أرسلوا ما في أيديهم من السبي وأعتقوهم ، وقالوا : أصهار رسول الله - صلى الله عليه وسلم . قالت : فما رأينا [ امرأة ] [16] . كانت أعظم بركة على قومها منها ; [ ص: 122 ] أعتق في سببها [17] . أكثر من مائة أهل بيت من بني المصطلق [18] .


