الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                  معلومات الكتاب

                  منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية

                  ابن تيمية - أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني

                  صفحة جزء
                  ( فصل )

                  قال الرافضي [1] . : " وفي غزاة [2] . حنين خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - متوجها [3] في عشرة آلاف من المسلمين ، [ ص: 127 ] فعانهم [4] . أبو بكر ، وقال : لن نغلب [5] اليوم من كثرة ، فانهزموا ، ولم يبق مع النبي [6] - صلى الله عليه وسلم - إلا [7] تسعة من بني هاشم ، وأيمن بن أم أيمن ، وكان أمير المؤمنين [ يضرب ] [8] . بين يديه بالسيف ، وقتل من المشركين أربعين نفسا فانهزموا " .

                  والجواب : بعد المطالبة بصحة النقل ، أما قوله : " فعانهم أبو بكر " فكذب [9] . مفترى ، وهذه كتب الحديث والسير والمغازي والتفسير ، لم يذكر أحد قوله : إن أبا بكر عانهم . واللفظ المأثور : لن نغلب اليوم من قلة . فإنه [10] قد قيل : إنه قد [11] . قاله بعض المسلمين .

                  وكذلك قوله : " لم يبق معه إلا تسعة من بني هاشم " هو كذب أيضا .

                  قال ابن إسحاق في " السيرة " [12] 86 . : " بقي مع النبي - صلى الله عليه وسلم - نفر من المهاجرين والأنصار وأهل بيته ، وممن [13] ثبت معه من المهاجرين أبو بكر وعمر ، ومن أهل بيته علي ، والعباس [14] ، وأبو سفيان بن الحارث [ ص: 128 ] وابنه ، والفضل [ بن العباس ] ، وربيعة بن الحارث [15] . ، وأسامة بن زيد ، وأيمن بن أم أيمن ، وبعض الناس يعد فيهم [16] . قثم بن العباس ، ولا يعد ابن أبي سفيان " [17] . هذا من كلام ابن إسحاق .

                  وقوله : " إن عليا كان بين يديه [ يضرب ] [18] . بالسيف ، وإنه قتل أربعين نفسا " .

                  فكل [19] هذا كذب باتفاق أهل المعرفة بالحديث والمغازي والسير ، والذي فيها أن النبي - صلى الله عليه وسلم - والمسلمين لما وافوا وادي حنين عند الفجر ، وكان القوم رماة فرموهم رمية واحدة فولوا ، وكان مع النبي - صلى الله عليه وسلم - عمه العباس وأبو سفيان بن الحارث ، وكان شاعرا يهجو النبي - صلى الله عليه وسلم - فأسلم فحسن إسلامه ، فثبت معه يومئذ .

                  قال العباس : " لزمت أنا وأبو سفيان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلم نفارقه " [20] . قال البراء بن عازب : " وأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - العباس أن ينادي فيهم ، وكان العباس جهوري [21] . الصوت ، فنادى : [ ص: 129 ] يا أهل الشجرة : يا أهل سورة البقرة : يعني الشجرة التي بايعوا تحتها ، فذكرهم ببيعته لهم هناك على أن لا يفروا وعلى الموت [22] . [23] [24] . عليه عطفة البقر [25] . على أولادها ، فقاتلوا حتى انهزم المشركون " ، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - قد أخذ كفا من حصباء فرمى بها القوم ، وقال : " انهزموا ورب الكعبة " [26] . .

                  وكان على بغلته وهو يقول :


                  أنا النبي لا كذب أنا ابن عبد المطلب



                  وهذا ما رواه أهل الصحيحين [27] . .

                  وفي الصحيحين عن البراء ، وسأله رجل قال : أكنتم وليتم يوم حنين يا أبا عمارة ؟ فقال : أشهد أن نبي الله - صلى الله عليه وسلم - ما ولى ، ولكنه انطلق أخفاء من الناس ، وحسر [28] إلى هذا الحي من هوازن ، وهم [ ص: 130 ] قوم رماة ، فرموهم برشق [29] " من نبل ، كأنها رجل من جراد [30] . ، فانكشفوا ، فأقبل القوم إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبو سفيان بن الحارث يقود بغلته ، فنزل ، ودعا ، واستنصر وهو يقول :

                  أنا النبي لا كذب     أنا ابن عبد المطلب

                  ، اللهم أنزل نصرك
                  " . قال البراء : وكنا إذا احمر البأس نتقي به ، وكان الشجاع منا الذي يحاذي به ، يعني النبي - صلى الله عليه وسلم [31] .

                  وفي حديث سلمة بن الأكوع لما غشوا النبي - صلى الله عليه وسلم - نزل عن البغلة ، ثم قبض قبضة من تراب الأرض ، واستقبل بها وجوههم ، فقال : " شاهت الوجوه " [32] . فما خلق الله منهم إنسانا إلا ملأ عينيه ترابا بتلك القبضة ، فولوا مدبرين ، فهزمهم [33] . الله ، وقسم رسول الله [ ص: 131 ] - صلى الله عليه وسلم - غنائمهم بين المسلمين " رواه مسلم [34] .

                  التالي السابق


                  الخدمات العلمية