( فصل )
قال الرافضي [1] : " الثامن : ما رواه الجمهور : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما خرج إلى بني المصطلق ; حيث خرجوا عن [ ص: 161 ] الطريق [2] ، وأدركه الليل ، بقرب [3] واد وعر ، فهبط جبريل وأخبره أن [4] طائفة من كفار الجن قد استبطنوا الوادي يريدون كيده وإيقاع الشر بأصحابه ، فدعا وعوذه ، وأمره بعلي [5] بنزول الوادي ، فقتلهم " .
والجواب : أن يقال أولا : علي أجل قدرا من هذا ، موجود لمن هو دون وإهلاك الجن ، لكن هذا الحديث من الأحاديث المكذوبة على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعلى علي عند أهل المعرفة بالحديث ، ولم يجر في غزوة علي بني المصطلق شيء من هذا .
وقوله : " إن هذا رواه الجمهور " إن أريد بذلك أنه مروي بإسناد ثابت ، أو في كتاب يعتمد على مجرد نقله ، أو صححه من يرجع إلى تصحيحه - فليس كذلك .
وإن أراد [ أن ] [6] جمهور العلماء رووه فهذا كذب . وإن أراد أنه رواه من لا يقوم بروايته حجة ، فهذا لا يفيد .
ومن هذا الجنس ما يروى أنه قاتل الجن في بئر ذات العلم ، وهو حديث موضوع عند أهل المعرفة .
[ ص: 162 ] أجل قدرا من أن تثبت الجن لقتاله ، ولم يقاتل أحد من الإنس الجن ، بل كان [ الجن ] وعلي [7] المؤمنون يقاتلون الجن الكفار .
وكان من أهل العلم أبو البقاء خالد بن يوسف النابلسي - رحمه الله - سأله بعض الشيعة عن قتال علي [8] الجن ، فقال : أنتم معشر الشيعة ليس لكم عقل ، أيما أفضل عندكم : أو عمر ؟ فقالوا : بل علي . فقال : إذا كان الجمهور يروون عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال علي : " لعمر " ما رآك الشيطان سالكا فجا إلا سلك فجا غير فجك [9] فإذا كان الشيطان يهرب من ، فكيف يقاتل عمر ؟ ! عليا
وأيضا فدفع الجن والشياطين وإهلاكهم موجود لكثير من أتباع أبي بكر وعمر ، وفي ذلك قصص يطول وصفها . وعثمان
وقد روى في كتاب " الموضوعات " حديثا طويلا في محاربته للجن ، وأنه كان في الحج عام ابن الجوزي الحديبية ، وأنه حاربهم ببئر ذات العلم ، من طريق أبي بكر محمد بن جعفر بن محمد السامري ، حدثنا عبد الله بن أحمد السكوني ، حدثنا عمارة بن يزيد ، حدثنا إبراهيم بن سعد ، عن محمد بن إسحاق ، حدثني يحيى بن عبيد الله بن الحارث ، عن أبيه ، عن ، قال : ابن عباس لما توجه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم الحديبية إلى مكة أصاب الناس عطش شديد وحر شديد ، فنزل [ ص: 163 ] رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ( * الحجفة معطشا والناس عطاش ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - * ) [10] : " هل من رجل يمضي في نفر من المسلمين معهم القرب فيردون بئر [11] ذات العلم ، ثم يعود ، يضمن له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الجنة ؟ "
فذكر حديثا طويلا فيه أنه بعث رجلا من الصحابة ففزع من الجن فرجع ، ثم بعث آخر وأنشد شعرا ، فذعر من الجن فرجع ، ثم أرسل فنزل البئر وملأ القرب بعد هول شديد ، وأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال له : الذي هتف بك من الجن هو علي بن أبي طالب سماعة بن غراب [12] الذي قتل عدو الله مسعرا شيطان الأصنام الذي يكلم قريشا منها ، وفزع من هجائي .
ثم قال الشيخ أبو الفرج : " وهذا الحديث موضوع محال ، والفنيد ومحمد بن جعفر والسكوني مجروحون . قال أبو الفتح الأودي : وعمارة يضع الحديث " [13] .
قلت : وكتب التي رواها عنه الناس ليس فيها شيء من هذا . ابن إسحاق