الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                  معلومات الكتاب

                  منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية

                  ابن تيمية - أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني

                  صفحة جزء
                  فصل

                  قال الرافضي [1] : " الثاني : قول عمر : كانت بيعة أبي بكر فلتة ، وقى الله المسلمين شرها ، فمن عاد إلى مثلها فاقتلوه . وكونها فلتة يدل على أنها لم تقع عن رأي صحيح ، ثم سأل وقاية شرها ، ثم أمر بقتل من يعود إلى مثلها ، وكان ذلك [2] يوجب الطعن فيه " .

                  والجواب : أن لفظ عمر ما ثبت في الصحيحين عن ابن عباس ، من خطبة عمر التي قال فيها : " ثم إنه قد بلغني أن قائلا منكم يقول : " والله لو مات عمر بايعت فلانا " فلا يغترن امرؤ أن يقول : إنما كانت بيعة أبي بكر فلتة ، ألا وإنها قد كانت كذلك ، ولكن قد وقى الله شرها ، وليس فيكم من تقطع إليه الأعناق مثل أبي بكر ، من بايع رجلا من غير مشورة من المسلمين ، فلا يبايع هو ولا الذي بايعه تغرة أن يقتلا ، وإنه كان من خيرنا حين توفى الله نبيه - صلى الله عليه وسلم - وذكر الحديث وفيه : أن الصديق قال : " وقد رضيت لكم أحد هذين الرجلين ، فبايعوا أيهما [ ص: 278 ] شئتم . فأخذ بيدي وبيد [3] أبي عبيدة وهو جالس بيننا ، فلم أكره مما قال غيرها ، كان - والله - أن أقدم فيضرب عنقي لا يقربني [ ذلك ] [4] من إثم أحب إلي [ من ] [5] أن أتأمر على قوم فيهم أبو بكر ، اللهم إلا أن تسول لي نفسي شيئا عند الموت [6] لا أجده الآن " . وقد تقدم الحديث بكماله [7] .

                  ومعنى ذلك أنها وقعت فجأة لم تكن قد استعددنا لها ولا تهيأنا ; لأن أبا بكر كان متعينا لذلك ، فلم يكن يحتاج في ذلك إلى أن يجتمع لها الناس ; إذ كلهم يعلمون أنه أحق بها ، وليس بعد أبي بكر من يجتمع الناس على تفضيله واستحقاقه كما اجتمعوا على ذلك في أبي بكر ، فمن أراد أن ينفرد ببيعة رجل دون ملأ من المسلمين فاقتلوه . وهو لم يسأل وقاية شرها ، بل أخبر أن الله وقى شر الفتنة بالاجتماع [8] .

                  التالي السابق


                  الخدمات العلمية