[ ص: 553 ] فصل .
وأما قوله [1] : " ثم لو أنفق لوجب أن ينزل فيه قرآن ، كما أنزل [2] في علي هل أتى ) [ سورة الإنسان : 1 ] [3] .
والجواب : أما نزول : ( هل أتى ) في فمما اتفق أهل العلم بالحديث على أنه كذب موضوع ، وإنما يذكره من المفسرين من جرت عادته بذكر أشياء من الموضوعات ، والدليل الظاهر على أنه كذب أن علي هل أتى ) مكية باتفاق الناس ، نزلت قبل الهجرة ، وقبل أن يتزوج سورة ( علي ، ويولد بفاطمة الحسن ، وقد بسط الكلام على هذه القضية في غير موضع ، ولم ينزل قط قرآن في إنفاق والحسين بخصوصه ; لأنه لم يكن له مال ، بل كان قبل الهجرة في عيال النبي صلى الله عليه وسلم ، وبعد الهجرة كان أحيانا يؤجر نفسه : كل دلو بتمرة ، ولما تزوج علي لم يكن له مهر بفاطمة [4] إلا درعه ، وإنما أنفق على العرس ما حصل له من غزوة بدر .
[ ص: 554 ] وفي الصحيحين عن رضي الله عنه قال : كانت لي شارف علي [5] من نصيبي من المغنم يوم بدر ، وأعطاني رسول الله صلى الله عليه وسلم شارفا من الخمس ، فلما أردت أن أبتني بفاطمة [6] واعدت رجلا صواغا من بني قينقاع يرتحل معي ، فنأتي بإذخر [7] أردت أن أبيعه من الصواغين فأستعين به في وليمة عرسي ، فبينا أنا أجمع [8] لشارفي متاعا من الأقتاب [9] والغرائر والحبال ، وشارفاي مناخان إلى [10] جانب بيت رجل من الأنصار ، قال : يشرب في ذلك البيت ، وقينة وحمزة [11] تغنيه ، فقالت : ألا يا حمز [12] للشرف النواء [13] .
[ ص: 555 ] فثار إليها ، فاجتب أسنمتها حمزة [14] ، وبقره [15] خواصرها " وذكر الحديث [16] في البخاري [17] وذلك قبل تحريم الخمر .
رضي الله عنه فكل آية نزلت في مدح المنفقين في سبيل الله فهو أول المرادين بها من الأمة الصديق مثل قوله تعالى : ( وأما لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا ) [ سورة الحديد : 10 ] ، أفضل هؤلاء وأولهم . وأبو بكر
وكذلك قوله الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم ) [ سورة التوبة : 20 ] .
وقوله : ( وسيجنبها الأتقى الذي يؤتي ماله يتزكى ) [ سورة الليل : 18 ] فذكر المفسرون مثل ابن جرير الطبري وعبد الرحمن بن أبي حاتم وغيرهما بالأسانيد عن عروة بن الزبير وعبد الله بن الزبير وغيرهم أنها نزلت في وسعيد بن المسيب . أبي بكر