الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                  معلومات الكتاب

                  منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية

                  ابن تيمية - أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني

                  صفحة جزء
                  [ ص: 553 ] فصل .

                  وأما قوله [1] : " ثم لو أنفق لوجب أن ينزل فيه قرآن ، كما أنزل [2] في علي هل أتى ) [ سورة الإنسان : 1 ] [3] .

                  والجواب : أما نزول : ( هل أتى ) في علي فمما اتفق أهل العلم بالحديث على أنه كذب موضوع ، وإنما يذكره من المفسرين من جرت عادته بذكر أشياء من الموضوعات ، والدليل الظاهر على أنه كذب أن سورة ( هل أتى ) مكية باتفاق الناس ، نزلت قبل الهجرة ، وقبل أن يتزوج علي بفاطمة ، ويولد الحسن والحسين ، وقد بسط الكلام على هذه القضية في غير موضع ، ولم ينزل قط قرآن في إنفاق علي بخصوصه ; لأنه لم يكن له مال ، بل كان قبل الهجرة في عيال النبي صلى الله عليه وسلم ، وبعد الهجرة كان أحيانا يؤجر نفسه : كل دلو بتمرة ، ولما تزوج بفاطمة لم يكن له مهر [4] إلا درعه ، وإنما أنفق على العرس ما حصل له من غزوة بدر .

                  [ ص: 554 ] وفي الصحيحين عن علي رضي الله عنه قال : كانت لي شارف [5] من نصيبي من المغنم يوم بدر ، وأعطاني رسول الله صلى الله عليه وسلم شارفا من الخمس ، فلما أردت أن أبتني بفاطمة [6] واعدت رجلا صواغا من بني قينقاع يرتحل معي ، فنأتي بإذخر [7] أردت أن أبيعه من الصواغين فأستعين به في وليمة عرسي ، فبينا أنا أجمع [8] لشارفي متاعا من الأقتاب [9] والغرائر والحبال ، وشارفاي مناخان إلى [10] جانب بيت رجل من الأنصار ، قال : وحمزة يشرب في ذلك البيت ، وقينة [11] تغنيه ، فقالت : ألا يا حمز [12] للشرف النواء [13] .

                  [ ص: 555 ] فثار إليها حمزة ، فاجتب أسنمتها [14] ، وبقره [15] خواصرها " وذكر الحديث [16] في البخاري [17] وذلك قبل تحريم الخمر .

                  وأما الصديق رضي الله عنه فكل آية نزلت في مدح المنفقين في سبيل الله فهو أول المرادين بها من الأمة مثل قوله تعالى : ( لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا ) [ سورة الحديد : 10 ] ، وأبو بكر أفضل هؤلاء وأولهم .

                  وكذلك قوله الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم ) [ سورة التوبة : 20 ] .

                  وقوله : ( وسيجنبها الأتقى الذي يؤتي ماله يتزكى ) [ سورة الليل : 18 ] فذكر المفسرون مثل ابن جرير الطبري وعبد الرحمن بن أبي حاتم وغيرهما بالأسانيد عن عروة بن الزبير وعبد الله بن الزبير وسعيد بن المسيب وغيرهم أنها نزلت في أبي بكر .

                  التالي السابق


                  الخدمات العلمية