قال: حدثنيه إسماعيل بن جعفر، عن ويزيد بن هارون، محمد بن عمرو، عن قال: أبي سلمة، فقلت: هل سمعت رسول الله [ - صلى الله عليه وسلم - ] يذكر أبا سعيد الخدري، الخوارج؟
فقال: سمعته يذكر قوما يتفقهون في الدين يحقر أحدكم صلاته عند صلاته، وصومه عند صومه، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية، فأخذ سهمه، فنظر في نصله، فلم ير شيئا، ثم نظر في رصافه فلم ير شيئا، ثم نظر في القذذ، فتمارى: أيرى شيئا، أم لا"؟ جئت [ ص: 336 ] قال وغيره؛ قوله: الرمية: هي الطريدة التي يرميها الصائد، وهي كل دابة مرمية. الأصمعي،
وقوله: نظر في كذا وكذا، فلم ير شيئا: يعني أنه أنفذ سهمه منها حتى خرج وندر، فلم يعلق به من دمها شيء من سرعته، فنظر إلى النصل، فلم ير فيه دما، ثم نظر إلى الرصاف، وهي العقب التي فوق الرعظ، والرعظ: مدخل النصل في السهم فلم ير دما.
وواحدة الرصاف رصفة.
والقذذ: ريش السهم كل واحدة منها قذة.
ومنه الحديث الآخر:
"هذه الأمة أشبه الأمم ببني إسرائيل يتبعون آثارهم حذو القذة بالقذة" يعني كما تقدر كل واحدة منهن على صاحبتها.
فتأويل الحديث المرفوع: أن الخوارج يمرقون من الدين مروق ذلك السهم من الرمية.
يعني أنه دخل فيها، ثم خرج منها لم يعلق [به] منها شيء [ ص: 337 ] .
فكذلك دخول هؤلاء في الإسلام، ثم خروجهم منه، لم يتمسكوا منه بشيء.
[قال] : وفي حديث آخر قال: حدثنيه عن محمد بن أبي عدي، عن سلمة بن علقمة، قال: ابن سيرين
نبئت عن قال: أبي سعيد الخدري،
قال: "نعم، التسبيد فيهم فاش". قيل: يا رسول الله! ألهم آية أو علامة يعرفون بها؟
قال فسألت أبو عبيد: عن التسبيد؟ "أبا عبيدة"
فقال: هو ترك التدهن، وغسل الرأس.
وقال غيره: إنما هو الحلق، واستئصال الشعر.
قال وقد يكون الأمران جميعا، قال أبو عبيد: "النابغة" [الذبياني] " في قصر الشعر، يذكر فرخ القطاة حين حمم ريشه [ ص: 338 ] :
تسقي أزيغب ترويه مجاجتها في حاجب العين من تسبيده زبب
يعني بالتسبيد: طلوع الزغب.و [قد] روي في الحديث مما يثبت قول حديث [عن] "أبي عبيدة" "ابن عباس"
قال: حدثنيه و يحيى بن سعد، كلاهما عن "حجاج" عن "ابن جريج" قال: محمد بن عباد بن جعفر،
"رأيت" قدم ابن عباس" "مكة" مسبدا رأسه فأتى الحجر، فقبله، ثم سجد عليه".
قال فالتسبيد ها هنا ترك التدهن والغسل. أبو عبيد:
وبعضهم يقول: التسميد - بالميم - ومعناهما واحد [ ص: 339 ] .