الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                              صفحة جزء
                              باب: أدم.

                              حدثنا يحيى بن عبد الحميد، عن سليمان بن بلال، عن ربيعة، سمع أنس بن مالك، ينعت النبي صلى الله عليه قال: "ليس بآدم ولا أبيض أمهق".

                              حدثنا مسدد، حدثنا أبو عوانة، عن أبي بشر، عن أبي سفيان، عن جابر، قال رسول الله صلى الله عليه: "نعم الأدم الخل".  

                              حدثنا مسدد، حدثنا عبد الواحد، حدثنا عاصم، عن بكر بن عبيد الله، عن المغيرة بن شعبة: خطبت جارية، فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه، فقال: "انظر إليها فإنه أحرى أن يؤدم بينكما".

                              [ ص: 1139 ] حدثنا إبراهيم بن بشار، حدثنا سفيان، عن وائل، عن البهي، قال: كانت بأسامة دمامة، فقال النبي صلى الله عليه: "قد أحسن بنا إذ لم يكن جارية".

                              حدثنا مسدد، حدثنا يحيى، عن مالك، عن زيد بن أسلم، عن ابن وعلة، عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه: "أيما أديم دبغ فقد طهر".  

                              حدثنا مسدد، حدثنا يحيى، عن ابن عجلان، حدثني أبي، عن أبي هريرة، قال رسول الله صلى الله عليه: "لا يبولن أحدكم في الماء الدائم، ولا يغتسل منه".

                              حدثنا الحكم بن موسى، حدثنا عيسى بن يونس، عن هشام، عن أبيه، عن عائشة [ ص: 1140 ] : أنها كانت تنعت من الدوام سبع عجوات في سبع غدوات.

                              حدثنا اليمامي، حدثنا يعقوب، حدثنا أبي، عن ابن إسحاق: "رأيت عطاء يحج وعلى رأسه قلنسوة من دوام كان يجده".

                              حدثنا عبيد الله بن عمر، حدثنا إسماعيل بن علية، عن الجريري، عن عبد الله بن شقيق، عن ابن حوالة: " أتيت النبي صلى الله عليه وهو في ظل دومة يملي على كاتب له، فقال: "أكتبك يا ابن حوالة؟" قال: ما خار الله ورسوله".

                              حدثنا يوسف بن بهلول، حدثنا ابن إدريس، عن محمد بن إسحاق، حدثني معبد بن كعب، عن أخيه عبد الله بن كعب، عن أبيه، كعب بن مالك، في بيعة العقبة، قال ابن إسحاق: فقال أبو الهيثم للنبي صلى الله عليه ليلة العقبة: يا رسول الله، هل عسى إن أظهرك الله تعالى أن ترجع إلى قومك وتدعنا؟ فقال: الدم الدم، والهدم الهدم، أنا منكم، وأنتم مني، أحارب من حاربتم، وأسالم من سالمتم".

                              [ ص: 1141 ] حدثنا محمد بن عبد الملك، حدثنا الفريابي، حدثنا قيس، عن منصور، عن مجاهد: " اجتمع ناس من قريش فيهم الوليد بن المغيرة، فقالوا: تعالوا فلنسم محمدا اسما يعلمه الوارد، ويصدر به الصادر، فقالوا: شاعر، فقال الوليد: لا، والدم ما هو بشاعر" قوله: "ليس بآدم" قرئ على أبي نصر، عن الأصمعي: الآدم السواد، والبعير الآدم: أشد بياضا إلا أنه أسود الحماليق والأشفار، قوي البصر وقال أبو زيد: ظبي آدم، وظباء أدم، وهي التي تنزل الجبال وأخبرنا عمرو، عن أبيه: الآدم من الظباء: ذو الجدتين السوداوين، ولونه إلى الحمرة قوله: "نعم الأدم الخل" كل شيء ضممته إلى الخبز فقد أدمته به.

                              حدثنا أبو نعيم ضرار بن صرد، حدثنا حفص بن غياث، عن محمد بن أبي يحيى، عن يزيد الأعور، عن يوسف بن عبد الله بن سلام [ ص: 1142 ] : "أخذ النبي صلى الله عليه كسرة فوضع عليها تمرة، فقال: هذه إدام هذه" قال: وأخبرنا عمرو، عن أبيه: قال: يأدم: يخلط وأنشدنا:


                              بأن الخبز تأدمه بزيت فذاك أمانة الله الثريد



                              وأنشدنا:


                              هل المكارم إلا ما له علم     والمجد إلا الذي أسبابه الكرم
                              إلا السرى وفعال المرء يأدمه     من المكارم ما فيه له أدم



                              وقال آخر:


                              إن الأحامرة الثلاثة أذهبت     جسمي وكنت بهن قدما مولعا
                              الخبز واللحم السمين إدامه     والزعفران فقد أروح مبرقعا



                              [ ص: 1143 ] قوله: "يؤدم بينكما" أي يتفق ويقرب بعضكم من بعض، كالأدم والخبز وأنشدنا ابن الأعرابي:


                              سقيا لعهد خليل كان يأدم لي     زادي ويذهب عن زوجاتي الغضبا



                              أخبرنا عمرو، عن أبيه، يقال: جعلت فلانا أدمة أهلي، أي: أسوتهم، وأدمة يدي ويقال: "أدم دلوك: املأها، وقد دامت الدلو تدوم وقوله: "كانت به دمامة" الدميم: القصير وأساء فلان وأدم، أي: أقبح قوله: "أيما أديم دبغ فقد طهر" والجمع أدم وأخبرنا أبو نصر، عن الأصمعي: الفروة: التي تلي الشعر، والبشرة: ما يلي اللحم وقال أبو زيد: ما يلي اللحم: الأدمة، وما يلي الشعر: البشرة، ويقال [ ص: 1144 ] : عنان مبشر للذي تظهر بشرته، ومؤدم للذي تظهر أدمته وقول النبي صلى الله عليه: "لا تباشر المرأة المرأة" حجة لأبي زيد، لأنها إنما تلزق جلدها الذي يلي الشعر بجلدها وقولهم: بشرت الأديم حجة للأصمعي، لأنه إنما يبشر من باطنه، وما يلي اللحم .

                              حدثنا عفان، حدثنا سلام أبو المنذر، عن عبد الله بن مختار: أن نجبة بن ربيعة، زوج ابنته الحارث، فقال لامرأته جهزيها إليه، فابنتك المؤدمة المبشرة" قال أبو زيد: يقال للرجل الكامل: إنه لمؤدم مبشر، إذا جمع شدة ولينا، لأنه جمع لين الأدمة وخشونة البشرة، ويقال: إنما يعاتب الأديم ذو البشرة، أي يعاد في الدباغ، يقول: إنما يعاتب من يرجى، ومن به قوة أو مسكة، وفلانة مؤدمة مبشرة: أي تامة في كل وجه.

                              [ ص: 1145 ] وأخبرني أبو عدنان، عن الأصمعي: يقال: فلان مؤدم: مبشر، أي هو جامع يصلح للشدة والرخاء وفلان أدمة بني أبيه، وقد أدمهم فهو يأدمهم وهو الذي يعرفهم الناس وأخبرنا عمرو، عن أبيه قال: الأياديم: الواحدة إيدامة، وهي متون الأرض قال:


                              كما رجا من لعاب الشمس إذ وقدت     عطشان ريع سراب بالأياديم



                              واليأدمان: نبت بنجد في بطون الأودية متسطحا كما ينبت الخطمي، والمال - يعني الإبل - ترعاه فإذا يبس فلا خير فيه وقال أبو صاعد: له قف جيد إلا أن الريح تطيره سريعا وقوله: "لا تبولن في الماء الدائم" سمعت ابن الأعرابي يقول: الماء الدائم الذي لا يجري، قليلا كان أو كثيرا.

                              [ ص: 1146 ] وأخبرني أبو نصر، عن الأصمعي: لا تبل في الماء الدائم، دام الماء يدوم دوما: إذا ثبت لا يجري وقد صام صوما مثله، ويقال: أدم قدرك: أي سوطها حتى تسكن، وأدم لفلان كرامته: أي أثبتها، ودوم الطائر في السماء: إذا جعل يدوم، ودوى في الأرض: إذا دار، مثله في السماء ودومت الشمس على رأسه: إذا دارت، واستوى الناس فصاروا كدوامة الوليد وأخبرنا عمرو، عن أبيه، يقال: أديمي قدرك ودومي قدرك: وهو أن تتركها إذا نضجت على النار وأنشدنا:


                              تفور علينا قدرهم فنديمها     ونفثؤها عنا إذا حميها غلا



                              أخبرني أبو نصر، عن الأصمعي: التدويم: أن تدوم الحدقة كأنها فلكة، يقال: دومت عينه وأنشدنا:


                              تيهاء لا ينجو بها من دوما     إذا علاها ذو انقباض أجذما

                              .

                              [ ص: 1147 ] قوله: "تنعت من الدوام" أخبرني أبو نصر، عن الأصمعي: " يقال: أخذ فلانا دوام، إذا أخذه دوار" قال أبو نصر: والدام: اسم بلد ذكره طفيل فقال:


                              ونعم الندامى هم غداة رأيتهم     على الدام تجري خيلهم وتودب



                              والدأماء: الأرندج جلد ويقال: الدأماء: البحر قوله: "أتيت النبي صلى الله عليه وهو في ظل دومة" أخبرنا عمرو، عن أبيه: الدوم: شجر المقل والدوم: العظام من السدر، والعبرية أصغر من الدومة، والسدر أصغر منه وسمعت ابن الأعرابي يقول: الدوم: ضخام الشجر ما كان وأنشدنا:


                              زجرن الهر تحت ظلال دوم     ونقبن العوارض بالعيون



                              وقال طفيل:


                              أظعن بصحراء الغبيطين أم نخل     بدت لك أم دوم بأكمامها حمل

                              .

                              [ ص: 1148 ] أخبرنا عمرو، عن أبيه: الدمدم: ما يبس من الكلأ والشجر، والدمادم: شيء يشبه القطران يسيل من السلم والسمر أحمر، الواحد دمدم، وهو جيد، وهو حيضة أم أسلم، يعني شجره قال أبو الخرقاء: تقول للشيء تدفنه: قد دمدمت عليه، أي سويت عليه وأخبرني أبو نصر، عن الأصمعي: الإيدامة: الأرض الصلبة غير الحجارة، وجماعها الأياديم قال ذو الرمة:


                              كأنهن ذرى هدي مجوبة     عنها الجلال إذا ابيض الأياديم



                              أخبرني أبو نصر، عن الأصمعي: الديمومة: القفر من الأرض، والجميع دياميم قال ذو الرمة:


                              كأننا والقنان القود يحملنا     موج الفرات إذا التج الدياميم



                              والدمام: ما لطخ على ظاهر العين والدمدمة: الهلاك فدمدم عليهم ربهم [ ص: 1149 ] أخبرنا سلمة، عن الفراء فدمدم عليهم : أرجف وأخبرنا عمرو، عن أبيه، عن الهذلي: الدمام من السحاب، الذي ليس فيه ماء، وهي الإبردة وقال أبو عمرو: والمدمى: الأحمر قال الأصمعي: وإن كان منه غيره وقال أبو عمرو: وإن كان مشبعا فهو مقدم، والمدموم: المطلي بأي لون كان والدودم: دم الأخوين قال أبو زيد: الدودم شيء يخرج من السمر ليس بصمغ، هو ضماد، ودودم الطلح لا ينتفع به، وهو الحذال أبيض كله ودودم السمر يتغرى به الناس، وتكرهه الجن، يجعل على المولود، ويجعل أيضا عليه إهاب الثعلب وإهاب الهر قال:

                              [ ص: 1150 ]

                              إليك جن العشره     إن عليه نفره
                              ثعالبا وهرره     وحيضا من سمره



                              وقطعة من نمره وقوله: "لا، والدم ما هو بشاعر" قال: هي يمين كان يحلف بها في الجاهلية".

                              [ ص: 1151 ]

                              التالي السابق


                              الخدمات العلمية