الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                              صفحة جزء
                              باب: حرج .

                              حدثنا مسدد، حدثنا يحيى، عن ابن عجلان، حدثني سعيد، عن أبي هريرة قال رسول الله صلى الله عليه: " اللهم إني أحرج حق الضعيفين: اليتيم والمرأة "   .

                              حدثنا محمد بن سهم، حدثنا ابن مبارك، عن أبي بكر الهذلي، عن عكرمة، عن شيبة بن عثمان قال النبي صلى الله عليه: "يا معشر الأنصار" قالوا: لبيك وتأشبوا حوله حتى تركوه كأنه في حرجة سلم " قوله: أحرج حق الضعيفين يقول: أضيقه على من ظلمهما، والحرج: الحرام أخبرني أبو نصر، عن الأصمعي يقال: حرج على ظلمك يريد حرم علي، ومنه أحرجها بتطليقة يريد: حرمها، وأكسعها بالمحرجات يريد: بثلاث تطليقات .

                              [ ص: 240 ] وأنشدنا:


                              ولم تحرج كره من تحرجا ولبست للشر جلا أخرجا



                              ذكر الفتن يقول: المتحرج كره الحرب ولم تحرج هي فركبته وجلا أخرجا: فيه بياض وسواد يقول: هذه الحرب جاءت شنعاء قوله: حتى تركوه كأنه في حرجة أخبرنا عمرو، عن أبيه قال: الحرجة، يقال: لكل الشجر أخبرنا أبو نصر، عن الأصمعي قال: الحرج: الشجر الملتف الواحدة حرجة، وأنشدنا:


                              حتى إذا الليل تجلت ظلمه     عاين حيا كالحراج نعمه


                              يكون أقصى شله محرنجمه

                              وصف جيشا جاءوا قوما ليلا يغزونهم، فلما تجلت الظلمة عاينوا حيا كالحراج: كالشجر في الكثرة، وأقصى شل هذا الجيش يعني طرده، وفراره أن يحرنجم: يقيم من عزه ولا يبرح وقال الله - تعالى -: يجعل صدره ضيقا حرجا [ ص: 241 ] فكان مجاهد يفسر حرجا: شاكا، وقال الضحاك: هو الذي لا يهتدي للإسلام، وقال قتادة: ملتبسا، وكل معناه قريب أخبرني أبو عمر، عن الكسائي: حرجا وحرجا كله من الضيق كما يقال: إنه لوحد فرد، ووحد فرد أخبرنا سلمة، عن الفراء: الحرج مثل الوحد والحرج مثل الوحد، ومثله الفرد والفرد، والدنف والدنف، وقال:


                              تزداد للعين إبهاجا إذا سفرت     وتحرج العين فيها حين تنتقب



                              يقول: تحرج: أي تحار وتضيق عن أن تنظر إليها وقال النبي صلى الله عليه: "حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج" يقول: لا إثم عليكم إن لم تفعلوا أخبرني أبو نصر، عن الأصمعي: الحرج: التحرج في الورع، والحرج: سرير الميت، والحرج: أن ينظر الرجل فلا يستطيع أن [ ص: 242 ] يتحرك من مكانه من غيظ أو فرق، والحرجوج: الريح الطويلة التي لا تكاد تنقطع قال:


                              أنقاء سارية حلت عزاليها     من آخر الليل ريح غير حرجوج

                              وقال أبو عمرو: الحرج: مركب النساء دون الهودج، ورجل متحرج: كاف عن الإثم، قال النابغة:


                              فبت كأنني حرج لعين     نعاه الناس أو دنف طعين



                              والحرجوج: الناقة الوقادة القلب قال الأعشى:


                              فذر ذا ولكن رب أرض متيهة     قطعت بحرجوج إذا الليل أظلما



                              أخبرني أبو نصر، عن الأصمعي: الحرج: الودع، والحرج: ما جعل للكلب مما يصيد، والحرج: خيال ينصب والحرجف: الريح الباردة الشديدة الهبوب .

                              [ ص: 243 ]

                              التالي السابق


                              الخدمات العلمية