[ ص: 366 ] [ ص: 367 ] الباب الخامس في أحكام البدع الحقيقية والإضافية والفرق بينها
ولا بد قبل النظر في ذلك من تفسير البدعة الحقيقية والإضافية فنقول وبالله التوفيق :
إن ؛ لا من كتاب ، ولا سنة ، ولا إجماع ، ولا قياس ، ولا استدلال معتبر عند أهل العلم ؛ لا في الجملة ولا في التفصيل ، ولذلك سميت بدعة - كما تقدم ذكره - ؛ لأنها شىء مخترع على غير مثال سابق . البدعة الحقيقية : هي التي لم يدل عليها دليل شرعي
وإن كان المبتدع يأبى أن ينسب إليه الخروج عن الشرع ، إذ هو مدع أنه داخل بما استنبط تحت مقتضى الأدلة ، لكن تلك الدعوى غير صحيحة ، لا في نفس الأمر ، ولا بحسب الظاهر ، أما بحسب نفس الأمر ؛ فبالعرض ، وأما بحسب الظاهر ؛ فإن أدلته شبه ليست بأدلة إن ثبت أنه استدل ، وإلا فالأمر واضح .
وأما : البدعة الإضافية ؛ فهي التي لها شائبتان
إحداهما : لها من الأدلة متعلق ، فلا تكون من تلك الجهة بدعة .
والأخرى : ليس لها متعلق إلا مثل ما للبدعة الحقيقية .
[ ص: 368 ] فلما كان العمل الذي له شائبتان لم يتخلص لأحد الطرفين ؛ وضعنا له هذه التسمية ، وهي " البدعة الإضافية " .
أي أنها بالنسبة إلى إحدى الجهتين سنة ؛ لأنها مستندة إلى دليل ، وبالنسبة إلى الجهة الأخرى بدعة ؛ لأنها مستندة إلى شبهة لا إلى دليل ، أو غير مستندة إلى شيء .
والفرق بينهما من جهة المعنى : أن الدليل عليها من جهة الأصل قائم ، ومن جهة الكيفيات أو الأحوال أو التفاصيل لم يقم عليها ، مع أنها محتاجة إليه ؛ لأن الغالب وقوعها في التعبديات لا في العاديات المحضة ؛ كما سيأتي ذكره إن شاء الله .