الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح

ابن تيمية - أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني

صفحة جزء
[ ص: 412 ] قالوا : وقال أشعيا أيضا : " من أعجب الأعاجيب أن رب الملائكة سيولد من البشر " .

فيقال : مثل هذا الكلام لا بد أن يكون قبله كلام وبعده كلام ، وهو منقول من لغة إلى لغة ، ونحن نعلم قطعا أنه لم يرد أن رب العالمين يولد من البشر ، ولو أراد ذلك لم يقل رب الملائكة فقط ، فإن الله رب كل شيء ، لكن قد يريد أنه يولد من البشر من سيكون سيد الملائكة تخدمه وتكرمه ، كما سجدت الملائكة لأبي البشر آدم .

والنصارى يسلمون أن اللاهوت ما هو متولد من البشر ، وإنما المتولد من البشر هو الناسوت ، وليس هو رب العالمين بالاتفاق ، فعلم أنه لا حجة لهم في ظاهر اللفظ إن قدر سلامته من التغيير .

ونظير هذا ما عندهم في إنجيل متى : ( أن ابن الإنسان يرسل ملائكته ، ويجمعون كل الملوك ربا على الأمم فيلقونهم في أتون النار ) قال بعض علماء أهل الكتاب : لم يرد بذلك أن المسيح هو رب [ ص: 413 ] الأرباب ، ولا أنه خالق الملائكة ، بل رب الملائكة أوصى الملائكة بحفظ المسيح بشهادة النبي القائل : ( إن الله يوصي ملائكته بك ليحفظوك ) .

ثم شهادة ( لوقا ) أن الله أرسل له ملكا من السماء ليقويه ، قال : " وإذا شهد الإنجيل باتفاق الأنبياء والرسل بأن الله يوصي ملائكته بالمسيح فيحفظونه ، علم أن الملائكة تطيع للمسيح بالأمر ، وهو والملائكة في خدمة رب العالمين " .

وقال المسيح لتلاميذه : " من قبلكم فقد قبلني ، ومن قبلني فقد قبل من أرسلني " .

وقال المسيح : " من أنكرني قدام الناس أنكرته قدام ملائكة الله " .

[ ص: 414 ] وقال للذي ضرب عبد رئيس الكهنة : " أغمد سيفك ، ولا تظن أن لا أستطيع أن أدعو الله الأب فيقدم لي أكثر من اثني عشر جوقا من الملائكة " .

التالي السابق


الخدمات العلمية