النوع الثالث : آثاره في الأشجار والخشب  ففي الصحيحين عن  جابر بن عبد الله  قال : كان المسجد مسقوفا على جذوع النخل ، فكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا خطب يقوم إلى جذع منها ، فلما صنع المنبر فكان عليه سمعنا لذلك الجذع صوتا كصوت العشار  ، حتى جاء النبي صلى الله عليه  [ ص: 209 ] وسلم فوضع يده عليها فسكنت . وفي رواية فصاحت النخلة صياح الصبي  . وفي الصحيح عن  جابر :  أن امرأة من الأنصار  قالت : يا رسول الله ، ألا أجعل لك شيئا تقعد عليه ، فإن لي غلاما نجارا ، قال : إن شئت . فعملت له المنبر . فلما كان يوم الجمعة قعد النبي صلى الله عليه وسلم على المنبر الذي صنع له ، فصاحت النخلة التي كان يخطب عليها حتى كادت أن تنشق ، فنزل النبي صلى الله عليه وسلم فضمها إليه ، فجعلت تئن أنين الصبي الذي يسكت حتى استقرت  .  [ ص: 210 ] وفي صحيح  مسلم  من حديث  جابر  قال : سرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى نزلنا واديا أفيح ، فذهب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقضي حاجته فاتبعته بإداوة من ماء ، فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم ير شيئا يستتر به ، فإذا شجرتان بشاطئ الوادي ، فانطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى إحداهما فأخذ بغصنين من أغصانها ، فقال : انقادي علي بإذن الله . فانقادت معه كالبعير  المخشوش الذي يصانع قائده ، حتى أتى الشجرة الأخرى فأخذ بغصن من أغصانها ، فقال : انقادي علي بإذن الله ، فانقادت معه كذلك ، حتى إذا كان بالمنصف فيما بينهما فلأم بينهما ، حتى جمع بينهما ، فقال : التئما علي - بإذن الله تعالى - فالتأمتا عليه . فخرجت أحضر مخافة أن يحس رسول الله  [ ص: 211 ] صلى الله عليه وسلم بقربي فيتباعد ، فجلست أحدث نفسي فحانت مني لفتة ، فإذا برسول الله صلى الله عليه وسلم مقبلا ، وإذا الشجرتان قد افترقتا ، فقامت كل واحدة منهما على ساق ، وذكر الحديث . 
وعن  ابن عباس  قال : جاء رجل من بني عامر  إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله ، أرني الخاتم الذي بين كتفيك ، فإنني من أطب الناس ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : ألا أريك آية ؟ قال : بلى . قال : فنظر إلى نخلة . فقال : ادع ذلك العذق . فجاءه ينقز حتى قام بين يديه ، فقال له : ارجع . فرجع  .  [ ص: 212 ] وفي رواية  الترمذي :  جاء أعرابي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : بم أعرف أنك نبي ؟ قال : إن دعوت هذا العذق من هذه النخلة تشهد أني رسول الله . قال : نعم . فدعاها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فجعل ينزل من النخلة حتى سقط إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، ثم قال : ارجع . فعاد ، فأسلم الأعرابي  . وروى  الدارمي ،  عن  عبد الله بن عمر  قال : كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر ، فأقبل أعرابي فلما دنا منه قال له النبي صلى الله عليه وسلم : أين تريد ؟ قال : إلى أهلي . قال : هل لك في خير ؟ قال : ما هو ؟ قال : تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا  عبده ورسوله . فقال : ومن يشهد على ما تقول ؟ قال : هذه السلمة . فدعاها رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي بشاطئ الوادي ، فأقبلت تخد الأرض ، حتى قامت بين يديه فاستشهدها ثلاثا ، فشهدت ثلاثا أنه كما قال ، ثم رجعت إلى منبتها ، ورجع الأعرابي  [ ص: 213 ] إليه ، فقال : إن اتبعوني أتيتك بهم ، وإلا رجعت فكنت معك  . ورواه  الدارمي  أيضا قال فيه : فجاءت النخلة تنقز بين يديه ، ثم قال لها : ارجعي فعادت إلى مكانها . وفي الصحيحين ، عن معن بن عبد الرحمن  قال : سمعت أبي يقول : سألت مسروقا  من آذن النبي صلى الله عليه وسلم بالجن ليلة استمعوا القرآن ؟ فقال : حدثني أبوك - يعني  ابن مسعود -  أنه قال : آذنته بهم شجرة  . وفي  الترمذي ،  عن  علي  قال : كنت مع رسول الله صلى الله عليه  [ ص: 214 ] وسلم بمكة ،  فخرجنا في بعض نواحيها ، فما استقبله شجر ولا جبل إلا وهو يقول : السلام عليك يا رسول الله  . رواه  الحاكم  في صحيحه . وروى  الإمام أحمد ،  عن  أنس بن مالك  قال : جاء جبريل  إلى النبي صلى الله عليه وسلم ذات يوم ، وهو جالس حزين قد خضب بالدماء ، ضربه بعض أهل مكة   فقال له : ما لك ؟ قال : فقال : فعل هؤلاء وفعلوا . فقال له جبريل   : أتحب أني أريك آية ؟ فقال : نعم . فنظر إلى شجرة من وراء الوادي ، فقال : ادع تلك الشجرة . فدعاها فجاءت تمشي حتى قامت بين يديه . فقال : مرها فلترجع إلى مكانها . فقال لها : ارجعي . فرجعت حتى عادت إلى مكانها ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : حسبي  . ورواه  أبو يعلى الموصلي  في مسنده . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					